الأشخاص ذوو الإعاقة يسهمون في تطبيق للإبلاغ عن التحرش في سيارات الأجرة اللبنانية

التاريخ:

عندما بدأت منظمة مساواة – وهي منظمة مجتمع مدني لبنانية تُعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان – العمل على تطوير أداة مبتكرة للإبلاغ عن التحرش الجنسي في سيارات الأجرة، توجهت منذ البداية لأن يكون تصميمها قائماً على إشراك الأشخاص الأكثر تأثراً بهذه القضية.

ولضمان نهج شامل يراعي كل أفراد المجتمع عند تطوير تطبيق "اشتكي"[i]، عقدت مساواة شراكة مع منظمات عدة، من بينها منتدى حقوق الأشخاص ذوي وذوات الإعاقة (FRPD) لتسهيل مشاركة فعالة من النساء القياديات على اختلاف مشاربهن من منظمات المجتمع المدني. ومن بين هؤلاء إليانا ساسين (45 عاماً) وحلمية المصري (21 عاماً).

تقول المصري، التي تعاني من فقدان كامل للبصر: "غالباً ما يتم تهميش الأشخاص ذوي وذوات الإعاقة في مثل هذه المبادرات، لكن من خلال تعاوننا مع المنتدى – سواء في جلسات التدريب أو مناقشة التطبيق – وجدنا من يستمع إلينا ويقدّر مساهماتنا"، وتضيف: "دُعيت للمساهمة في تطوير "اشتكي"، ما جعلني أشعر بالاندماج والاحترام… وسأكون أول من يستخدمه."

alt text
حلمية المصري. الصورة: منظمة مساواة

وترى المصري أن التطبيق يشكل أداة مهمة للنساء، خصوصاً النساء ذوات الإعاقة، قائلة: "يساعدنا هذا التطبيق في المطالبة بحقوقنا الأساسية مع ضمان سلامتنا. إنه أداة فعّالة وآمنة، ما يجعله مصدراً للتمكين."

خلال المشاورات، اقترحت ساسين والمصري ميزات تضمن سهولة الوصول للتطبيق، مثل أوامر الصوت وإمكانية تكبير النصوص للمستخدمين/ات الذين يعانون من ضعف البصر.

تدرس ساسين، البالغة من العمر 45 عاماً، علم النفس في الجامعة اللبنانية، كما أنها تعمل كمنسقة لشؤون العنف القائم على النوع الاجتماعي في منتدى حقوق الأشخاص ذوي وذوات الإعاقة. تستمد قوتها من تجربتها الشخصية كامرأة تعاني من ضعف بصري جزئي.

تقول ساسين: "ليس جميع الأشخاص ذوي وذوات الإعاقات البصرية متشابهين/ات… لقد شعرت بقوتي في القدرة على إحداث تغيير"، وتستذكر رحلتها المليئة بالتمييز والتهميش إلى أن أصبحت ناشطة تدافع عن حقوق الآخرين. ساهمت في مناقشات مركّزة عُقدت حول إمكانية الوصول إلى تطبيق شامل، بعد حضورها تدريباً نظمته مساواة للأشخاص ذوي وذوات الإعاقات البصرية.

وتوضح أن التطبيق يعزز الإبلاغ عن التحرش مع ضمان سرية المستخدم/ة، ما يجعله أداة حماية معتمدة. لكنها تؤكد أن هناك عقبات متعلقة بالنظام في لبنان يجب معالجتها أيضاً، مثل الحاجة إلى قوانين أقوى، وحملات توعية، وإصلاحات تعليمية، وإدراج دورات إلزامية حول حقوق الأشخاص ذوي وذوات الإعاقة.

من جانبها، تؤكد المصري أن الحواجز الثقافية والتمييز هما من الأسباب الجذرية للعنف ضد النساء ذوات الإعاقة. وتضيف: "تغيير الثقافة أمر أساسي لتحسين حياتنا"، وتأمل أن يُساهم تطبيق "اشتكي" في دفع الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات طال انتظارها.

وتتفق ساسين مع هذه الرؤية، قائلة: "علينا التعاون مع الرجال لتغيير الخطابات المجتمعية وتحقيق تغيير حقيقي."

alt text
إليانا ساسين. الصورة: منظمة مساواة

بينما تواصل هاتان الناشطتان رحلتهما في الدفاع عن حقوق الإنسان، تحمل رسالتهما صدى قوياً: "قد يُنظر إلى النساء والأشخاص ذوي وذوات الإعاقة على أنهم الأضعف، لكننا الأقوى لأن لدينا قضية نناضل من أجلها"، تقول ساسين.

أما المصري فتضيف: "آمن بنفسك ودافع عن حقوقك، حتى يُسمع صوتك."

بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة وصندوق المرأة للسلام والعمل الإنسانيWPHF، قادت مساواة تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع نقابة المحامين في طرابلس، ومنتدى حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ونقابة السائقين.

ويؤكد محمد يونس، المدير العام لمساواة – عمل تنموي لكل الناس، أن إشراك منتدى حقوق الأشخاص ذوي وذوات الإعاقة قد وسّع نطاق النقاشات وأضفى عليها عمقاً جديداً: "كما هو الحال دائماً، فإن مشاركة الأشخاص ذوي وذوات الإعاقة ترفع من جودة أي عمل نقوم به. وتضيف إسهاماتهم/ن قيمة لا تُقدّر بثمن، ما يعزز جهودنا ويجعلها أكثر تأثيراً."

وقد شملت المبادرة أيضاً رجالاً من ذوي الإعاقة، الذين أصبحوا مناصرين للتغيير. عمر الشريف، منسق البرامج التعليمية في منتدى حقوق الأشخاص ذوي وذوات الإعاقة، وهو أيضاً يعاني من فقدان البصر، كان من بين المشاركين في مناقشات أصحاب المصلحة في القضية، كما حضر جلسات تدريب المدربين ضمن المشروع، ومنذ ذلك الحين نظم العديد من ورش العمل والمناقشات مع أقرانه وأفراد المجتمع المحلي.

alt text
عمر الشريف. الصورة: منظمة مساواة

يقول الشريف: "لكل فرد في المجتمع دور في التصدي للتحرش، سواء كان رجلاً أو امرأة. فالتحرش ليس مجرد قضية نوع اجتماعي، بل يتعلق بالسلطة والسيطرة. إنه حالة استغلال القوي للضعيف… وبصفتي رجلاً، أدرك أن لدي القدرة على التأثير والمناصرة لإنهاء التحرش، خصوصاً في وسائل النقل العام."

ركزت مداخلات الشريف في مناقشات تطبيق "اشتكي" على كيفية جعله أكثر سهولة للأشخاص ذوي وذوات الإعاقات البصرية. كما سلط الضوء على مشكلة عدم تسجيل العديد من سائقي سيارات الأجرة في النقابة، ما يجعل من الصعب محاسبتهم.

ويختم قائلاً: "لا يمكننا أن نبقى سلبيين. علينا جميعاً أن ندفع باتجاه التغيير وتحرير مجتمعنا من هذه الظواهر الهدامة"، ويضيف: "مشروع مساواة هو استجابة ملحة لقضية متنامية، حيث لم يعد التحرش في تزايد فقط في طرابلس، بل في جميع أنحاء لبنان.


[i] تطبيق "اشتكي" هو أداة مبتكرة للإبلاغ صُممت لمكافحة التحرش الجنسي في سيارات الأجرة، وذلك ضمن مشروع مدعوم من صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني وهيئة الأمم المتحدة للمرأة. تم تطوير التطبيق من قبل منظمة مساواة بالتعاون مع نقابة المحامين في طرابلس ونقابة السائقين، بمشاركة قيادات نسائية وناشطون وناشطات من مختلف منظمات المجتمع المدني في طرابلس، لضمان نهج شامل ومتكامل في التصدي لهذه القضية.

يتضمن التطبيق نافذة مخصصة للمعرفة والتوعية، وميزة التسجيل الصوتي لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة، وإمكانية تحميل الصور، ورمز QR لكل سائق مسجل. إضافة إلى ذلك، يوفر التطبيق وصولاً إلى أرقام التبليغ المهمة، وقسماً خاصاً لاستطلاعات رأي المستخدمين لجمع الملاحظات وتحسين الخدمات.