على لسان رنا دبليز: "أؤمن بأن التغيير ممكن، لكنه يتطلب الإيمان، والمثابرة، والتكاتف الجماعي"

التاريخ:

رنا دبليز، محامية وفاعلة في مجال حقوق الإنسان، كرّست مسيرتها للدفاع عن العدالة والمساواة. من بداياتها في الجامعة اللبنانية إلى دورها البارز في نقابة المحامين في طرابلس، تعكس رحلتها التزامًا راسخًا بإحداث تغيير ذي معنى.

"منذ أن اخترت دراسة القانون، نما بداخلي شغف بالدفاع عن حقوق الإنسان والسعي نحو تحقيق العدالة. آمنت دوماً بقدرة كل فرد على الوقوف في وجه الظلم، وعرفت أنني أستطيع إحداث فرق. درستُ القانون في الجامعة اللبنانية، ثم حصلت على درجة الماجستير من جامعة الحكمة، في موازاة حفاظي على ارتباط وثيق بقضايا مجتمعي.

نشأتُ في عائلة داعمة، ومنحني ذلك فهمًا عميقاً للتحديات التي يواجهها النساء. لاحقًا، كان لوجود شريك يؤمن بقدراتي، أثرٌ في تعزيز إرادتي للعمل على محاربة التمييز والظلم اللاحق بالنساء في مجتمعنا.

alt text
الصورة: رنا دبليز

شكّل انضمامي إلى المجلس النسائي اللبناني نقطة تحول في مسيرتي. بدأت كعضو في اللجنة القانونية، ثم أصبحت أصغر رئيسة لها. عملنا على قضايا ملحة مثل قانون الأحداث، وحق المرأة اللبنانية في منح جنسيتها لأطفالها، ومشاركة النساء في الحياة السياسية. هذه التجارب عمّقت التزامي الدفاع عن حقوق النساء على المستويين الوطني والدولي.

سنحت لي الفرصة للمشاركة في ورشة عمل مع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ما وسّع من آفاقي ومهاراتي. كما شاركتُ في تأسيس جمعية "وَرد"، حيث ثابرت على التصدي للعنف الاقتصادي ضد النساء. على مدار السنوات، أعددتُ 12 دراسة حول العلاقة بين القوانين والعنف الاقتصادي، وصغتُ اقتراح قانون يربط بين العنف الاقتصادي وقوانين العمل ومكافحة التحرش. هدفي التالي هو تقديم هذا المقترح إلى البرلمان اللبناني.

عندما انضممت إلى معهد حقوق الإنسان في نقابة المحامين في طرابلس عام 2008، رأيت في ذلك فرصة لإحداث تغيير ملموس. على مدار السنوات، عملتُ مع زملائي وزميلاتي على الدفاع عن حقوق النساء، بالاستفادة من الشبكات والشراكات لدفع عجلة التغيير.

إحدى المبادرات التي أفتخر بها هي المشروع المدعوم من صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني وهيئة الأمم المتحدة للمرأة بالشراكة مع منظمة مساواة – عمل تنموي لكل الناس. من خلال هذا المشروع، كسرنا حاجز الصمت حول التحرش الجنسي في سيارات الأجرة – وهي قضية نادرًا ما طُرحت. لقد جمعت النقاشات على الطاولة المستديرة التي نظمناها بين جهات فاعلة لم تكن تظنّ أنها ستتعاون معًا. كان ذلك اختراقًا حقيقيًا.

كان إشراك النساء المهمشات في هذه الحوارات أولوية. كما التحق بنا المنتدى المعني بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لضمان إيصال جميع الأصوات.

لقد كان لهذا المشروع تأثير تحولي. للمرة الأولى، اجتمع الممارسون القانونيون/ات وقوات الأمن في طرابلس للتدريب والحوار. تشكّل مسودة الاتفاقية الخاصة بآلية الإبلاغ عن التحرش خطوة رائدة، وآمل أن ترى النور قريبًا. في حال نجاحها، يمكن أن تسهم في مكافحة التحرش في سيارات الأجرة ليس فقط في طرابلس، بل في جميع أنحاء لبنان.

أؤمن بأن التغيير ممكن، لكنه يتطلب الإيمان، والمثابرة، والعمل الجماعي. التنظيم والتكاتف مع منظمات المجتمع المدني هما المفتاح. رغم المقاومة التي نواجهها أحيانًا كمدافعين ومدافعات عن الحقوق، فقد صمدنا دائمًا. وجدنا أرضية مشتركة، وأثبتنا للمشككين/ات خطأهم من خلال إنجازاتنا. عملنا هو الدليل على أن المثابرة والتعاون قادران على تجاوز أقوى أشكال المعارضة."