خمسة أسئلة: بناء السلام والتضامن بين ليبيا ولبنان

التاريخ:

نهاد شبارو، البالغة من العمر ٦٩ عامًا، هي واحدة من العضوات المؤسسات لشبكة بناء السلام للنساء في لبنان(WPNL)، التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بدعم من حكومتي فنلندا وسويسرا في كانون الثاني/ يناير ٢٠٢٤. تهدف الشبكة إلى تعزيز مساهمات عضواتها في بناء السلام الشامل والمستدام، وتعزيز قيادتهن ومشاركتهن من خلال التعلم وتبادل الخبرات وبناء العلاقات والدعم المتبادل. تحّدثت نهاد مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة عن مسارها وجهودها من خلال الشبكة.

alt text
الصورة: نهاد شبارو

كيف تصفين مسارك الذي أفضى إلى أن تصبحي صانعة سلام؟

أتحدّر من منطقة عائشة بكار في بيروت، ودرست علم الاجتماع في جامعة القديس يوسف والعلاج الطبيعي في ميلانو. بدأت مسيرتي المهنية في العمل الإنساني عندما كنت في العشرين من عمري، مباشرة بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية. عشتُ (جزءاً من) الحرب الأهلية من ١٩٧٥ إلى ١٩٨٨ وشهدت جميع تفاصيلها. تطوعت في الصليب الأحمر اللبناني، وهو أمر أفتخر به جدًا، ثم عملت مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر. هناك تعلمت عن العمل الإنساني، الذي شكّل حياتي بالكامل. لقد أمضيتُ إلى الآن نحو ٥٠ عامًا من العمل الإنساني، وقد جلبت هذه الرحلة لحظات لا تُنسى. على سبيل المثال، خلال الحرب الأهلية اللبنانية، تمكنت من تأمين الإفراج عن خمسة أشخاص كانوا محتجزين من قبل جماعات مسلحة. ما زلت أتذكر هؤلاء الشباب وكيف أعدتهم بأمان إلى عائلاتهم، ولا يزال هذا الحدث يؤثر فيّ بشكل عميق. تمنح مساعدة الآخرين شعورًا رائعًا.

 

ما هو دور النساء صانعات السلام في العمل الإنساني؟

يركّز قرار مجلس الأمن رقم ١٣٢٥، الذي تعتمد عليه شبكة بناء السلام للنساء في لبنان بشكل أساسي، على حماية النساء في حالات النزاع. نحن كنساء صانعات السلام، لدينا دور أساسي في حماية النساء من أي نوع من أنواع العنف، سواء كان نفسيًا أو جسديًا، وضمان حقهن في العيش بكرامة.

لدينا أيضًا دور في حل النزاعات وتيسير التعايش السلمي. على سبيل المثال، ناقشنا مؤخرًا التوترات المتزايدة في الملاجئ الجماعية بين النازحين، حيث يمكن أن تتفاقم المشكلات النفسية وتتحول إلى نزاعات أكبر، بما في ذلك على أساس طائفي. دور النساء صانعات السلام هو تهدئة التوترات وبناء التضامن بين الناس، لمساعدة البلاد على تجاوز هذه المرحلة الصعبة والتوجه نحو التعافي والتعايش السلمي بعد انتهاء النزاع.

 

كيف دعمتِ دور النساء في بناء السلام؟

أحد أكبر إنجازاتي هو دمج النساء في الحوار السياسي. أؤمن بأن مشاركة النساء أساسية لأي عمل سياسي أو يحمل طابعاً سياسياً. حصلت على العديد من الشهادات والجوائز، وأعتز بها كلها.

أعيش حاليًا في ليبيا، ومنذ ١٣ عامًا أعمل مع مركز الحوار الإنساني كمستشارة أولى للوساطة والإدماج. كما أنني عضو في شبكة بناء السلام للنساء في لبنان. أنا ممتنة للفرصة التي أتاحتها لي هذه الشبكة للتواصل مع العديد من النساء الرائعات اللاتي يعملن في بناء السلام، سواء من خلال العمل الإنساني أو من خلال دمج النساء في العمل السياسي والسلام.

 

ما الذي تفعلينه لدعم العمل الإنساني للنساء في لبنان؟

إنّ مشاركتي في شبكة بناء السلام للنساء من خلال الاجتماعات الأسبوعية ساعدتني كثيرًا على المستوى العاطفي ومكنتني من القيام بالمزيد. بفضل هذه الشبكة، أشعر أنني حاضرة في لبنان رغم أنني لست موجودة جسديًا. وسعت الشبكة علاقاتي أيضًا. تعرفت على سارة الشريف، وهي امرأة تعمل في بناء السلام وتقود الاستجابة الإنسانية في طرابلس من خلال منظمتها "رواد التنمية". بفضل الأموال التي أجمعها في ليبيا، أساهم في دعم سارة والعديد من الجهات الأخرى في توفير حياة كريمة للنازحين/ات داخليًا. أشعر بسعادة غامرة عندما أرى عملها، وصور الناس وهم يبتسمون حولها، وهذا يحفزني لجمع المزيد من الموارد لدعم جهودها. هذا هو جوهر الشبكة: ربط النساء صانعات السلام وخلق مساحات لدعم وإلهام بعضهن البعض.

 

كيف تغير دور النساء في العمل الإنساني في لبنان منذ عام ١٩٧٥؟

في عام ١٩٧٥، كانت النساء الشابات يعملن مع الصليب الأحمر اللبناني كمستجيبات إنسانيات. كانت هناك حركة نسائية آنذاك، لكن لم تكن منظمة كما هي اليوم. بمرور الوقت، أدركت النساء دورهن ومكانتهن. الحرب الأهلية جعلتهن يدركن أن بإمكانهن المساهمة في إعادة بناء لبنان وبناء السلام والاستقرار.

خلال حرب ١٩٧٥، لم تكن النساء حاضرات على طاولة المفاوضات، لكنهن كن حاضرات على الأرض. لاحقًا، ساعد الدعم الكبير من الأمم المتحدة في سن قرارات، خصوصًا لحماية النساء من العنف خلال النزاعات، على جعل النساء أكثر وعيًا بحقوقهن وقدراتهن. على مدار ٥٠ عامًا، تعلمت النساء عن السياسة والعمل الإنساني وكيفية التنظيم بشكل أفضل في حالات النزاع والسلام. تم الاعتراف بهن كقادة، سواء على المستوى الدولي أو المحلي، مما شجعهن على مواصلة جهودهن.

اليوم، النساء هن قائدات على الأرض، يعملن على جعل المساعدات أكثر إنسانية. هناك شيء جميل في التضامن بين النساء؛ النساء هن الأكثر مشاركة في العمل على الأرض لأنهن يهتممن بالاستقرار. لقد أصبح صوت النساء أقوى بكثير. هذا التحول يشجعنا كنساء صانعات سلام على العمل معًا بهدف واحد: رفاهية لبنان وكرامة جميع شعبه.