من موقعي هذا: "حان الوقت للفتيات ليرّفعن الصوت حول الصحّة الإنجابيّة"

التاريخ:

هبة محمد حسين، البالغة من العمر 34 عامًا، أمٌّ لولدين تتحدر من مدينة طرابلس، شمال لبنان.  في عام 2015، أصبحت المُعيلة الرئيسة لأسرتها إثر إصابة زوجها في خلال اشتباكات مسلّحة. عملَت هبة في الآونة الأخيرة في تعليم قيادة السيارات بهدف تغطية النفقات الضروريّة لكن، في خضمّ ارتفاع أسعار المحروقات أصبح من الصعب الاستمرار في التعليم. في عام 2021، بدأت العمل مع المؤسّسة الاجتماعيّة "روف اند روتس"، بالشراكة مع "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" ومنظمة "آكتد" غير الحكومية لتصنيع اللّوازم الصحيّة وتوعية المجتمع حول الصحّة الإنجابيّة.

Hiba Mohammad Hussein, 34 . Photo: UN Women/ Lauren Rooney
هبة محمد حسين، ٣٤ عامًا. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة\لورين روني

هبة محمد حسين، البالغة من العمر 34 عامًا، أمٌّ لولدين تتحدر من مدينة طرابلس، شمال لبنان.  في عام 2015، أصبحت المُعيلة الرئيسة لأسرتها إثر إصابة زوجها في خلال اشتباكات مسلّحة. عملَت هبة في الآونة الأخيرة في تعليم قيادة السيارات بهدف تغطية النفقات الضروريّة لكن، في خضمّ ارتفاع أسعار المحروقات أصبح من الصعب الاستمرار في التعليم. في عام 2021، بدأت العمل مع المؤسّسة الاجتماعيّة "روف اند روتس"، بالشراكة مع "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" ومنظمة "آكتد" غير الحكومية لتصنيع اللّوازم الصحيّة وتوعية المجتمع حول الصحّة الإنجابيّة.

"أقود منذ 16 عامًا، وشرعت قبل بضع سنوات في تعليم النساء والفتيات القيادة مقابل بدل مادي زهيد. لقد بدأت بالتعليم لأن زوجي أصيب أثناء الاشتباكات التي حصلت هنا، في طرابلس، في مايو/أيار  من عام 2015، فبات من الملحّ أن أصبح المعيلة الأساسية لأسرتي. على مدى السنوات الثلاث الماضية، قمت بتعليم أكثر من 800 امرأة وفتاة القيادة. لكن في العام الماضي، أصبح من الصعب الاستمرار في التعليم في ظلّ ارتفاع أسعار المحروقات وشحّها المتكرّر.

يواجه سكان مدينة طرابلس صعوبات مالية عدّة ويعانون الفقر والبطالة إذ لطالما شكَت المدينة من نقص في الخدمات والدعم . لكن لحسن الحظ، تدخّلت منظّمات غير حكوميّة عدّة ودعمتنا مهنيًّا وماليًّا واقتصاديًّا وحتى نفسيًّا. نحن اليوم نعتمد بشدّة على هذه المنظّمات للحصول على الدعم الذي نحتاجه.فقر الدورة الشهريّة  من بين المشاكل التي تؤثّر في مجتمعي.  أثّر الارتفاع المستمر في أسعار اللّوازم الصحيّة  على نحو كبير علينا كنساء وعليّ شخصيًّا وعلى ابنتي. جرّبتُ الفوط الصحيّة القماشيّة القابلة لإعادة الاستعمال، لكن ابنتي لم تشعر بالارتياح لاستعمالها. في الصيف الماضي، وفي مرحلة معينة، لم تعد اللّوازم الصحيّة متوفرة في الأسواق، ولا حتى في متاجر البقالة.

قرأتُ العام الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي عن المؤسّسة الاجتماعية "روف اند روتس" في جبل محسن، طرابلس، وعن عملها على إنشاء وحدة لإنتاج اللّوازم الصحيّة. لقد قدّمت طلباً لمساعدتهن\م في هذا العمل وانضممت إلى مجموعة من النساء والفتيات اللواتي تلقّين تدريبًا مهنيًّا وحصلن على فرص عمل قصيرة الأجل. عُيِّنت للعمل في تسويق الفوط الصحيّة المُنتَجَة، وهو أمر مثير للاهتمام بالنسبة لي إذ درست التسويق لكن لم أحصل من قبل على وظيفةٍ في هذا المجال.

بدأ عملي مع "روف اند روتس" بتلقيّ تدريبات حول القضايا المتعلّقة بنظافة الدورة الشهريّة والتوعية  حول النوع الاجتماعي وقانون العمل ومهارات التوظيف. تلقّيت أيضًا تدريبات على المبيعات والتسويق بعدما التحقتُ بمجموعة البائعات. عندما انتهى التدريب، بدأت في زيارة العائلات في المنازل حيث أقمت جلسات مناقشة حول فقر الدورة الشهريّة ونظافتها، شاركَت فيها جميع النساء والفتيات الحاضرات تحت سن الـ55 عامًا. بعد كل جلسة، قمت بتسويق منتجنا الصحي "روز" وبدأت أبيعه مباشرة في البيوت. خلال إحدى الزيارات، التقيت بأم لأربع فتيات بالكاد امتلكت المال لتغطية نفقاتها الأساسيّة. لم يعد شراء الفوط الصحيّة أولوية بالنسبة للأم التي لم تكن قادرةً حتى على شراء الفوط الصحيّة التي ننتجها على الرغم من سعرها المعقول جدًّا. فأخذتُ على عاتقي شراء هذه اللّوازم لهن وما زلت أحاول اليوم دعم الأم بأي طريقة ممكنة.

علّمني هذا العمل الصبر ذلك أني أطرق الأبواب محاولةً إقناع نساء منشغلات أو غير مهتمّات بتخصيص بعض الوقت لهذه المناقشات وجلسات التوعية، كما أتاح لي أن أتمتّع بمزيد من الاكتفاء الذاتي وأن أساعد عائلتي.
للأسف، في مناطقٍ عدّة في لبنان، ما زلنا نرتبط  بالأعراف والتقاليد المسيئة التي تكرّس المعلومات غير الدقيقة حول الدورة الشهريّة. لكن بفضل هذا العمل،  أتيح لنا توفير جلسات توعية صحيّة لنساء من جميع الأجيال، للنساء البالغات وللفتيات اليافعات اللواتي بدأن يرفعن  صوتهن ويصحّحنَ المفاهيم الخاطئة حول الدورة الشهريّة. هذا أمر في غاية الأهمية. نحن في حاجة إلى خلق مساحاتٍ آمنة للفتيات المراهقات لمناقشة صحتهن الإنجابيّة مع اختصاصيات واختصاصين، للسماح لهن باكتشاف أجسادهن بشكلٍ صحيح وفهم التغيّرات الجسديّة والهرمونيّة التي  يختبرنها. حان الوقت للفتيات ليكفُفنَ عن الشعور بالخوف كلّما يحين وقت دورتهن الشهريّة، وحان الوقت ليفهمن كيفيّة التعامل مع هذا الأمر.

هبة واحدة من بين 120 امرأة مسجّلة في مشروع مدعوم من حكومة اليابان، في جبل محسن، ينفّذ من خلال مؤسسة اجتماعية لبنانيّة بإسم "روف اند روتس"، بالشراكة مع "هيئة الأمم المتحدة للمرأة"و"آكتد"، وهي منظّمة غير حكوميّة دوليّة. في إطار المشروع، تلقّت المشارِكات مجموعة من الدورات التدريبيّة حول النظافة الصحيّة أثناء الدورة الشهريّة والتوعية حول النوع الاجتماعي، وقواعد السلوك، وقانون العمل، والحماية من الاستغلال والاعتداء الجنسي، والصحّة والسلامة، ومهارات التوظيف. يدعم المشروع مؤسّسة اجتماعيّة لبنانيّة لإنشاء خط إنتاج جديد يُصنّع لوازم صحيّة عالية الجودة بأسعارٍ معقولة. من خلال هذا العمل، يسعى المشروع إلى دعم القطاعات الإنتاجيّة في لبنان بالإضافة إلى خلق فرص عمل مستدامة للنساء. يهدف المشروع أيضًا إلى معالجة فقر الدورة الشهريّة من خلال بيع وتوزيع المنتجات الصحيّة بأسعارٍ معقولة، وإلى زيادة الوعي المجتمعي بشأن النظافة الصحيّة أثناء الدورة الشهريّة.

تُظهِر قصّة هبة أهميّة تحقيق الهدف 5 من أهداف التنمية المستدامة الذي يُعنى بالمساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات، والهدف 10 من أهداف التنمية المستدامة الذي يدعو إلى الحد من أوجه عدم المساواة في الدخل وتلك القائمة على السنّ، أو النوع الاجتماعي، أو الإعاقة، أو العرق، أو الإثنيّة، أو الأصل، أو الدين، أو الوضع الاقتصادي، أو غير ذلك.