من موقعي هذا: "اليوم، لم أعد أشعر بأنّي أقلّ شأنًا، باتت ثقتي بنفسي كبيرة بما يكفي لكي أحقّق النجاح"

التاريخ:

فرّت فضيلة ياسين سليمان مع أسرتها من سوريا في عام 2016، بعد خمس سنوات من اندلاع الحرب. فقدت هذه الأم لطفلين والبالغة من العمر 35 عامًا، زوجها بعد عامين من وصولها إلى لبنان وباتت المعيلة الوحيدة لأسرتها، منذ ذلك الحين. بعد انضمامها إلى مبادرة هيئة الأمم المتحدة للمرأة لتتلقى تدريباً كمصنّعة في وحدة إنتاج لوازم نظافة نسائيّة عالية الجودة ومنخفضة الكلفة من خلال المؤسّسة الاجتماعية "روف آند روتس"، في جبل محسن في طرابلس، استعادت ثقتها في نفسها لتحقيق النجاح وشعرت أنّها قادرة على الدفاع عن نفسها وحماية أطفالها بشكل أفضل.

Fadilah in the production unit
تلقّت فضيلة ياسين تدريباً كمصنّعة في وحدة إنتاج لوازم نظافة نسائيّة من خلال المؤسّسة الاجتماعية "روف آند روتس"، في جبل محسن في طرابلس. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة\لورين روني.

"عندما توفي زوجي، أوضحت لي عائلته في سوريا أنها لا تزال تعدّ ابني البالغ من العمر خمس سنوات وابنتي البالغة من العمر سبع سنوات من أفراد العائلة، في حين أن ذلك لا ينطبق عليّ. طلبت مني عائلته أن أمنحها حضانة طفليّ، وأتزوج من جديد وأمضي في حياتي. كلّما ابتعدت عن طفليّ، تنتابني الخشية من أن تأتي عائلة زوجي الراحل إلى لبنان وتأخذهما منّي.

ما أصعب العيش في لبنان في ظلّ الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة المحلية، والحال ان التأقلم مع ارتفاع أسعار السلع الأساسيّة يعدّ تحدّيًا حقيقيًّا بالنسبة ليّ. أعمل كعاملة نظافة ولا يمكنني تغطية نفقاتي. قبل ثمانية أشهر، تحتّم عليّ أن أتّخذ الخيار الأصعب في حياتي. طلبتُ من ابني وابنتي بيع المناديل الورقيّة في الشارع لمساعدتي في تأمين بدل الإيجار. ضُرِبَ ابني، وكادت ابنتي تُختطف مرّتين أثناء عملها. لكن لحسن الحظ، أنقذها أحد المارّة في الشارع في كلّ مرة. صحيحٌ أنّها لم تتعرّض للأذى الجسديّ، إلّا أنّ حالتها النفسيّة قد تداعت. قررت بعد ذاك ألاّ أجعلهما يبيعان السلع في الشارع. وبما أنّنا عجزنا عن كسب ما يكفي من المال لشراء الطعام الذي نحتاجه، بدأنا نختصر في ما نأكله فنتناول قطعة خبز واحدة فقط في اليوم. أفضّل الجوع على المخاطرة بفقدان طفليّ في الشارع.

حين تناهى الى سمعي أن وحدة إنتاج "روف آند روتس" التي تصنّع لوازم نظافة نسائيّة منخفضة الكلفة، تبحث عن متدرّبات اغتنمت الفرصة باعتبارها فرصة لتغيير حياتي. كنت على حق إذ قلب هذا المشروع حياتي رأسًا على عقب. تسجّلتُ وانضممت إلى الوحدة مع 119 امرأة أخرى. غدوت جزءًا من فريق الإنتاج فتلقّيت تدريبات حول كيفيّة تشغيل الآلات لإنتاج الفوط الصحيّة. شاركت في دورات تدريبيّة من قبل، لكن لم يكن أي منها ذات فائدة بقدر هذه الدورة. وبفضل هذه الفرصة، تمكّنت من كسب بعض المال ممّا ساعدني على إطعام طفليّ، واكتسبت مهارات جديدة ستساعدني على كسب المال في المستقبل.

في التدريب، شعرت بالأمان إذ كنت محاطةً بنساءٍ أخريات وبمدرّبين\ات، وهو شعور لم أعرفه منذ زمنٍ. شجّعتني المتدرّبات الأخريات على الدفاع عن نفسي وأولادي. على سبيل المثال، شجّعنني على الإبلاغ عن شقيق زوجي للشرطة، وهذا ما فعلته. دعمني ضبّاط الشرطة وشجّعوني على الاتصال بهم في حال تعرّض لي.

تمتاز الفوط الصحيّة التي ننتجها في إطار مشروع "روف آند روتس" بجودة عالية، وتُصنع من القطن الطبيعي وتباع مقابل 12000 ليرة لبنانيّة فقط. هذا ما يجعلها خيارًا آمنًا ومقبولًا من حيث السعر لمعظم النساء والفتيات.

غالبًا ما يشعر عددٌ من النساء بالحرج عند التحدّث عن الدورة الشهريّة رغم أنّها عمليّة بيولوجيّة طبيعيّة. بسبب الوصمة الاجتماعيّة والمخاوف المرتبطة بمسألة الدورة الشهريّة، تتزايد ويا للأسف، المشاكل الصحيّة المتعلّقة بالالتهابات. أشجّع النساء والفتيات على التحدّث عن الدورة الشهريّة وأحثّهن على طلب الرعاية الصحيّة المناسبة.

اكتسبت القوّة وحبّ الذات والثقة بالنفس بفضل هذا المشروع. لطالما ظنّ الناس أنّ وظيفة عامل\ة التنظيف أمرٌ مخجل، ولم يظهروا لي الاحترام قطّ. لكنّي اليوم لم أعد أشعر بأنّي أقلّ شأنًا، باتت ثقتي بنفسي كبيرة بما يكفي لكي أحقّق النجاح".

 

فضيلة واحدة من 120 امرأة تلقَّينَ دورات تدريبيّة حول إنتاج وتسويق لوازم النظافة الصحيّة في وحدة تصنيع تقودها مؤسّسة "روف آند روتس" الاجتماعيّة في جبل محسن، في طرابلس، بدعمٍ من منظّمة "أكتد" غير الحكوميّة وهيئة الأمم المتّحدة للمرأة وبتمويلٍ من حكومة اليابان، لتلبية حاجة النساء المتزايدة إلى لوازم نظافة نسائيّة آمنة الاستعمال ومنخفضة الكلفة، في ضوء تدهور الاقتصاد اللبناني وتزايد فقر الدورة الشهريّة. بحلول شهر آذار/مارس 2022، أنتجت المُصَنِّعات دفعة أوّليّة من 13500 عبوة من لوازم الدورة الشهريّة تم بيعها بتوجّه النساء المشاركات في المشروع من منزلٍ إلى آخر، مع توزيع نسبة من الإيرادات على النساء المحتاجات المقيمات في المنطقة.

توضح قصّة فضيلة أهميّة تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة بشأن المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة؛ والهدف العاشر من أهداف التنمية المستدامة، الّذي يدعو إلى الحد من التفاوتات في الدخل وكذلك تلك القائمة على العمر أو النوع الاجتماعي أو الإعاقة أو العرق أو الأصل أو الدين أو الوضع الاقتصادي أو غير ذلك.