من موقعي هذا: "أدعو وبشغف إلى التصدّي للوصمة الاجتماعيّة المتعلّقة بفقر الدورة الشهريّة"

التاريخ:

عاشت منتهى جابر البالغة من العمر 55 عامًا معظم حياتها في منطقة البقاع. عازمة على تحقيق الاستقلاليّة الذاتيّة وتغطية نفقاتها بنفسها، عملت في وحدة لإنتاج لوازم النظافة الصحيّة تابعة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظّمة "أكتد" (Acted) غير الحكوميّة وكانت الوحدة في ذلك الحين تُطلق مجموعةً جديدةً من منتجات الدورة الشهريّة بجودةٍ عاليةٍ وأسعارٍ مقبولة. تلقّت منتهى تدريبًا في تصنيع هذه المنتجات، وها هي تتحدّث عن عملها ورسالتها المتمثّلة في تحدّي الوصمات الاجتماعيّة المتعلّقة بصحّة المرأة الإنجابيّة.

alt text
منتهى جابر هي خبيرة في التصنيع تعمل في وحدة لإنتاج لوازم النظافة الصحيّة في البقاع تابعة لهيئة الأمم المتّحدة للمرأة ومنظّمة "أكتد" غير الحكوميّة. الصورة: هيئة الأمم المتّحدة للمرأة / لورين روني

"في سنّ السابعة عشرة، اتّخذت حياتي منحًى جديدًا حين تزوّجت من رجل أصيب بعد فترةٍ من ارتباطنا بسكتةٍ دماغيّةٍ، فبات عاجزًا عن النطق ومصابًا بإعاقةٍ عقليّةٍ، وأصبحتُ أنا مقدّمة الرعاية الرئيسيّة له ولأطفالنا الأربعة. واشتدّت التحدّيات عندما تمّ تشخيص إصابة أحد أطفالنا بإعاقةٍ، والحال أن هذا الأمر زاد من المسؤوليّة المُلقاة على كاهلي.

بغية إعالة أسرتي، عملتُ عاملة نظافة في مركزٍ للشرطة، وواجهت الواقع القاسي المتأتي من الحصول على دخل متدني. أجبرتني الضغوط الاقتصاديّة، إلى جانب الاحتياجات الطبيّة الملّحة لزوجي وابني -وهو من ذوي الإعاقة- على تأدية دور الأم والأب معًا، وذلك في ظلّ غياب فرص العمل الكافية في البقاع.

علمتُ بهذا المشروع الذي يستهدف فقر الدورة الشهرية من أحد جيراني. وفي ظلّ الضغوط الماليّة التي تعانيها أسرتي، انضممت بحماسة إلى هذه المبادرة، ووجدت في نفسي شغفًا للمساهمة في إنتاج الفوط الصحية.

بفضل مشاركتي في هذا المشروع تقلّصت أعبائي الاقتصاديّة وشعرت بالتمكين من خلال انخراطي في عملٍ هادف. وبما أنّني تدرّبت على التصنيع، أعملُ في تعبئة علب الفوط الصحيّة، وأشرف على المخزون، وأسعى لإرساء بيئة داعمة بين زميلاتي.

يتخطّى هذا التمكين حدود تطوّري الشخصي، والحال أدعو بكلّ شغف إلى التصدّي للوصمة الاجتماعيّة المتعلّقة بفقر الدورة الشهريّة وأؤكّد الحاجة الماسّة للتوعية والتعليم. يُعتبر كسر الصمت في شأن هذه القضيّة جزءًا لا يتجزّأ من تعزيز النظافة الشخصيّة والكرامة لدى النساء والفتيات."

منتهى هي واحدة من بين ثلاثمئة امرأة في وحدات الإنتاج التي تشرف عليها منظّمة "أكتد" غير الحكوميّة في البقاع وطرابلس وبيروت وصيدا، بدعمٍ من هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبتمويلٍ سخي من حكومة أستراليا. تهدف هذه المبادرة إلى تلبية الطلب المتزايد على منتجات للنظافة الصحيّة آمنة وبأسعارٍ مقبولة، لاسيّما في ظلّ التحديات الاقتصاديّة التي يواجهها لبنان وارتفاع معدّلات فقر الدورة الشهريّة. تعمل وحدة الإنتاج هذه إلى جانب ثلاث وحدات أخرى في صيدا وطرابلس وبيروت، وقد أنتجت أكثر من 64000 علبة من الفوط الصحيّة. تُوزّع هذه المنتجات وتُباع مباشرة في البيوت تحت إشراف النساء المشاركات في المشروع.