على لسان جنى: "اليوم، أنا واثقة تماماً بقدرتي على تحقيق أحلامي... وسأحقّقها"

التاريخ:

جنى حسن الشامي، 22 سنة، حاصلة على شهادة الإجازة في نظم المعلومات الإدارية، ولدت في جنوب لبنان وتقيم حالياً في بيروت. في ظل الأزمة الإقصادية الحادة التي يعانيها لبنان، تواجه جنى صعوبة في إيجاد فرصة عمل.

 

لهذا السبب، انضمّت جنى إلى مجموعة نساء متدرّبات تحظى بدعم هيئة الأمم المتحدة للمرأة و"مركز كودي"*، لاكتساب أحدث المهارات في ميدان تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فضلاً عن المهارات الاجتماعية والمهنية، بتمويل سخي من حكومة النمسا. وبفضل هذه المهارات الجديدة، سيسهُل على جنى  دخول سوق عمل.

alt text
الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة \ رواد الفغالي

"كنت أعيش مع والداي وإخوتي الثلاثة حياةً كريمة، وكنا نكسب لقمة عيشنا بعرق جبيننا، غير أنّ الأزمة الاقتصادية في لبنان قلبت حياتنا رأساً على عقب. فتدهورت يوماً بعد يوم قيمة راتب والدتي التي تعمل مدرّسة، كما انخفض مدخول والدي على نحو كبير. وتغيّر أسلوب حياتنا بالكامل، فاضطررنا إلى التضحية بالكثير.

 

لاحظت أنّ التكنولوجيا باتت جزءاً لا يتجزّأ من عالمنا اليوم، وبات كلّ شيء يعتمد عليها. لذلك قررت دراسة نظم المعلومات الإدارية، وحصلت على شهادة البكالوريوس، لكنّني لم أجد عملاً. الخبرة ضرورية في هذا المجال، ومن دونها لن أحظى بمقابلة عمل حتّى. وعلى الرغم من أنني تعلّمت الكثير عن التكنولوجيا، بما في ذلك البرمجة وتطوير المواقع الإلكترونية، إلّا أنّ معلوماتي  ظلّت عامّة  وتفتقر إلى التخصص . لذا،  كان من الضروري أن أصبّ تركيزي على أحد هذه المجالات لكي أنجح.

 

في أحد الأيّام، أخبرتني إحدى زميلاتي عن دورة تدريبيّة انضمّت إليها، توفّرها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالتعاون مع "مركز كودي"، وأكّدت لي أنّها غيّرت حياتها نحو الأفضل. فقرّرت التقدّم بطلب للالتحاق بهذه الدورة واغتنام هذه الفرصة، مع أنني لم أكن واثقة من نجاحي.

 

وبعد أن اجتزت المقابلة، بدأتُ تجربةً حوّلت مسار حياتي. أمّنَت هيئة الأمم المتحدة للمرأة تكاليف نقلي كاملةً خلال الدورة التدريبية التي امتدّت على شهرين، ووفرت لي فرصة "النقد مقابل العمل" وبهذا ساعدتني لأُغني محفظة خبرتي الوظيفية.

 

إنّ التجارب التي خضتها أثناء الدورة غيّرتني على جميع الصعد. تعلّمت كيفية استخدام أحدث لغات الترميز، واكتسبت المهارات اللازمة لأتعاون مع أفراد الفريق من أجل تطبيقها؛ فالعمل الجماعي هو مفتاح النجاح. علاوةً على ذلك، تعلّمت كيفية التعامل مع وجهات النظر المتناقضة لإنجاز العمل المطلوب، كما تحسّنت مهاراتي الاجتماعية واكتسبت ثقة كبيرة بعد أن حضّرت عدداً من العروض وأشرفت على تقديمها. والأهمّ من ذلك أنني تعلّمت أحدث لغات الترميز وهيكليّاتها، وهذا ما يميّزني عن خبراء تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات الآخرين.

 

أكسبتني الدورة التدريبية الثقة الكافية لأتقدّم بطلب على وظيفة؛ ونجحت في الحصول على ثلاث مقابلات عمل خلال أسبوع واحد! كما ساعدتني على إنشاء محفظة خبرة وظيفية غنيّة تسلّط الضوء على مهاراتي الجديدة، رغم صغر سنّي.

 

ساعدتني تجربتي مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة و"كودي" على سدّ الفجوة الفاصلة بين التعليم الذي اكتسبته في الجامعة ومتطلّبات سوق العمل. استعدت الأمل بإيجاد وظيفة تلائم مؤهّلاتي، وأسعى إلى إيجاد فرصة عمل كمطوّرة  مواقع إلكترونيّة مبتدئة لأصقل مهاراتي، فأتحمّل بعدها مسؤوليات مهنيّة أكبر. اليوم، أنا واثقة تماماً  بقدرتي على تحقيق أحلامي... وسأحقّقها.

 

يؤسفني أنّ مجتمعنا ما زال يفضّل توظيف الرجال بدلاً من النساء في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ولكن بفضل الدعم المستمرّ الذي تقدّمه لي هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أشعر بأنّني قادرة على شقّ طريق نجاحي.

أنصح الفتيات بألّا يترددن في التخصّص في مجال نظم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ذلك أن التغيير يبدأ من هنا. ومن هنا نقضي على الصور النمطية التي تطغى في هذا المجال لنغيّر المعتقدات السائدة التي تحول دون مشاركة النساء في الحياة العملية وفي تحريك العجلة الاقتصادية للبلاد."

بعد فترة وجيزة من إتمام هذه المقابلة، بدأت جنى عملها كمطوّرة مواقع إلكترونية متكاملة بدوام كامل في شركة تدعم الأعمال الناشئة.

*شاركت جنى في مشروع "سبل العيش في حالات الطوارئ للسكان المهمّشين/ات المتضررين/ات، في نطاق انفجار بيروت" الذي نفّذته هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالتعاون مع "منظمة الأمم المتحدة للطفولة" (يونيسف) وانتهى في كانون الأول\ديسمبر 2022. قدّم هذا المشروع دورات تدريبية بالتعاون مع مركز "كودي". وتركّز هذه الدورات على تعلّم اللغة الإنجليزية والبرمجة وتطوير المواقع الإلكترونية. تجدر الإشارة إلى أنّ "كودي" مركز تدريبي يتخصّص بتعليم البرمجة، وينضوي تحت لواء "الحركة الاجتماعية"، وهي واحدة من شركاء هيئة الأمم المتحدة للمرأة التي تتركّز مهمّتها على توفير سبل العيش الكريم للنساء اللواتي يعانين الفقر وتضرّرن  من انفجار مرفأ بيروت عام 2020. وتشكّل المتدرّبات التسعة في دورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جزءاً من مجموعة تضمّ 160 امرأة استفدنَ من دورات تدريبية مهنية في مجال التسويق الإلكتروني وصيانة الهواتف المحمولة ورعاية الأطفال والتدبير المنزلي والمساعدة في التمريض.