لجنة المرأة المحليّة تمهد الطريق لخلق فرص عمل لأفراد المجتمع

التاريخ:

alt text
تضافرت جهود 14 امرأة وفتاة يتحدّرن من المجتمعات المحلية في بيروت لتشكيل لجنة المرأة. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة / نور عبد الرضا

أدت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في لبنان، والتي تعّمقت بسبب انفجار مرفأ بيروت في عام 2020، إلى اتساع متزايد لحال اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية القائمة على أساس النوع الاجتماعي، وأدّت في العديد من المجالات، إلى وضع حدّ لعقود من التقدّم الذي أحرزته النساء والفتيات في لبنان بل وإلى الارتداد عليها. أظهرت دراسة أجرتها "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" أن الأزمات المتعددة الطبقات تسببت في زيادة غير متناسبة في هشاشة الفئات السكانية الضعيفة، ولا سيما النساء، اللواتي لاحظن - من بين أمور أخرى - تقلّص فرصهن في دخول سوق العمل.

في هذا السياق، دخلت "هيئة الأمم المتحدة للمرأة"، وبتمويل سخي من حكومة النمسا، في شراكة مع "الحركة الاجتماعية" وهي منظمة محليّة غير حكومية، لخلق فرص كسب العيش في حالات الطوارئ للنساء اللواتي يعشن في فقر والمتضررات من انفجار بيروت.

من خلال هذا العمل، دعمت "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" النساء لتأمين الدخل الذي تشتد الحاجة إليه، في موازاة اكتساب الخبرة العملية. يتم تنفيذ هذا العمل بالشراكة مع منظمة يونيسف في لبنان التي تعمل مع الشباب والشابات الذين/اللواتي يعانون/يعانين الفقر والمتضررين/المتضررات من الانفجار، ويقدمون/يقدمن لهم/ن تدريبات على المهارات ويؤمنون/يؤمنن لهم/ن المأوى.

ودعماً لهذه المبادرة، حشدت "الحركة الاجتماعية" 14 امرأة من المجتمعات المحلية ضمن لجنة المرأة ليشاركن في عمليات صنع القرار والتواصل، في إطار المشروع. خلال تسعة أشهر، تلقت اللجنة تدريبات على المهارات الحياتيّة، والتواصل، وفن الخطابة وإجراء المقابلات، والبحث، وجمع البيانات، من بين مهارات أخرى. طوال هذا الوقت، عملت اللجنة كحلقة وصل بين المشروع والجهات الفاعلة في المجتمع المحلي وعملت على مساعدة النساء المستفيدات من البرنامج في العثور على عمل في أعقاب مبادرات النقد مقابل العمل.

 

خمس مشاركات في لجنة المرأة يتحدّثن عن نشاطهن وعن أهميّة التضامن المجتمعي.

 

في رأي هبة سكاف في وسع المرأة أن تفعل أي شيء

alt text
هبة سكاف مشاركة ضمن لجنة المرأة التابعة لـ "الحركة الاجتماعية". الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة / نور عبد الرضا

صُدمت هبة سكاف، 37 عامًا، وهي أم لطفلين من ردة فعل المجتمع حين دعمت ابنتها البالغة من العمر 18 عامًا لدراسة صيانة السيارات. تقول هبة "عندما حضرَت ابنتي صفها الأول في صيانة السيارات، قال لها الأستاذ "ربما ضللت الطريق؛ هذه الدورة ليست للنساء". لكن على رغم ذلك أكملت ابنتي الدورة. ثم أمضينا الصيف بأكمله نبحث عن ورشة حيث يمكنها أن تتدرّب، لكن الجميع في مرآب صيانة السيارات ترددوا في قبول إنضمام امرأة للعمل معهم". تضيف هبة "لم تستسلم ابنتي، وبفضل دعمنا لها، ها هي تحاول إيجاد فرصة مناسبة".

إنطلاقاً من تجربتها الشخصيّة، تحاول هبة ضمن لجنة المرأة، مساعدة النساء على إيجاد فرص متكافئة. بعد تحديد أكثر من 60 فرصة عمل في مناطق مختلفة في جميع أنحاء بيروت، عرّفت عن المشروع المدعوم من "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" لأرباب العمل وشرحت لهم/ن أهمية السماح للمرأة بدخول سوق العمل. تقول هبة: "في وسع النساء أن يكنّ سيدات أعمال، تماما مثلما يسعهن أن يصبحنّ أمهات أو مرشدات أو قياديات".

 

وفق الموجز الإحصائي حول النوع الاجتماعي الصادر عن "هيئة الأمم المتحدة للمرأة"، يحتل لبنان المرتبة 139 من بين 156 دولة تم تقييمها، من حيث المشاركة والفرص الاقتصادية. تقول راشيل دور-ويكس، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان "إن أحد الأسباب الرئيسة الكامن خلف هذا التفاوت هو عدم إدماج النساء في المجالات المُصنّفة في فئة "مهن الرجال". بغية تحسين مشاركة المرأة اقتصادياً، من الضروري توفير الفرص المتكافئة لهن في جميع قطاعات الاقتصاد".

 

تشعر بشرى الصالح بالنجاح من خلال مساعدة النساء الأخريات

alt text
بشرى الصالح مشاركة في لجنة المرأة التابعة لـ"الحركة الاجتماعية”. الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة / نور عبد الرضا

وفق بيانات مسح حديث للقوى العاملة صادر عن الحكومة اللبنانية ومنظمة العمل الدولية، ارتفع معدل البطالة في البلاد من 11.4٪ في فترة 2018-2019 إلى 29.6٪ في كانون الثاني/ يناير 2022. والحال ان نسب البطالة لدى النساء أعلى من النسب لدى الرجال وقد بلغ معدل بطالة النساء 32.7٪ مقابل 28.4٪ لدى الرجال.

أثناء البحث عن فرص لبناء مهاراتها، علمت بشرى الصالح، 25 عامًا، بوجود لجنة المرأة التابعة لـ "الحركة الاجتماعية". تقول "منذ اليوم الأول، شعرتُ بالحب والتقدير. عبّرتُ عن آرائي وأفكاري بحريّة، واقترحت أساليب لمساعدة النساء الأخريات. جاءت كل مشاركة في اللجنة من خلفية مختلفة. كان من الملهم الاستماع إلى جميع تجاربهن وقصصهن وأن أشارك قصتي وتجربتي أيضاً ".

تلقّت بشرى ونساء اللجنة تدريبًا مكّنهن من فهم حقوق العمل، وسمح لهنّ بمناصرة تكافؤ الفرص في أماكن العمل والاحتفاء بالتنوع. إن دعمها للنساء في العثور على وظائف كريمة ساعدها على بناء ثقتها بنفسها أيضاً. تضيف "أقول للنساء والفتيات اللواتي قد يشعرن باليأس أو الإحباط لعدم عثورهنّ على وظيفة لأنهنّ نساء، ألا يستسلمن أبدًا. أقول لهن لا تدعن التمييز أو التمييز القائم على النوع الاجتماعي يقف عائقاً أمام المهنة التي ترغبن فيها أو المكان حيث ترغبن في العمل أو الأسلوب الذي تختارونه للعمل".

 

تتطلّع ريتا خوري إلى مستقبل اقتصادي مستدام للمرأة

alt text
ريتا خوري، مشاركة في لجنة المرأة التابعة لـ "الحركة الاجتماعية". الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة / نور عبد الرضا

تتخصّص ريتا خوري، 30 عامًا، حاليًا في العلوم السياسية والقانون. بعد أن علمت من إحدى صديقاتها في شأن لجنة المرأة انضمّت إليها لتعزيز دور النساء في سوق العمل. تقول: "لاحظت أن المجتمع لا يثق بالنساء. وبسبب تهميشهن، يتملك النساء الإحساس بالضعف وعدم الإنتاجية ويفتقرن إلى الثقة بالنفس". يسلّط تحليل الاتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة القطاعي القائم على النوع الاجتماعي الضوء على قوانين الضمان الاجتماعي التي تُميّز صراحةً ضد المرأة. بينما يحق للرجال الحصول على مزايا نقديّة (أو علاوات) لأطفالهم، لا يحق للمرأة، في المقابل، الحصول على هذه المزايا، إلا في حال كان زوجها متوفياً أو معوقاً. تؤثر قوانين الأحوال الشخصيّة على الوضع الاقتصادي للمرأة بسبب الأحكام والممارسات غير المتكافئة المتعلّقة بالميراث، مما يعني أن إمكان وصول المرأة إلى رأس المال أقل من الرجل وأن احتمال امتلاكها للأرض أقل من الرجل. من خلال نجاحها والتعلّم المتعدد الجوانب الذي حصَلَت عليه من خلال التحاقها بلجنة المرأة، تودّ ريتا المساعدة في تحقيق أجندة المساواة بين الجنسين في لبنان. قرّرت ريتا، مع مُشاركتين أخريين في اللجنة، إنشاء منظمة لحقوق المرأة وهي الآن بصدد انهاء عملية تسجيلها رسمياً. تضيف ريتا "سنسميها "خطوة بخطوة "ذلك انه شيئًا فشيئًا في وسع المرأة زيادة مشاركتها في سوق العمل."

 

فاطمة فخر الدين تؤيّد حقوق المرأة في مكان العمل

alt text
فاطمة فخر الدين مشاركة في لجنة المرأة التابعة لـ "الحركة الاجتماعية". الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة / نور عبد الرضا

عملت فاطمة فخر الدين، 28 عاماً، مرشدةً في "الحركة الاجتماعية" قبل انضمامها إلى لجنة المرأة. خلال نموها، طالما تَمنّت لو ولدت صبياً بسبب الامتيازات التي شعرت أن الصبيان يتمتعون بها. تقول فاطمة "يرتدي الرجال ما يريدون، ويتحدّثون بحرية، ويعملون في أي وظيفة يرغبون فيها. أشعرني ذلك بالظلم". في رأيها إن الجزء الذي تفضّله ضمن الخدمة التي قدمتها في إطار لجنة المرأة هو التحدث إلى أصحاب العمل حول تأثير مساعدة النساء اللواتي يعشن في حرمان. تقول "لم يكن بعض أصحاب العمل مهتمين حتى شرحت لهم أن الوظائف غيّرت حياة النساء اللواتي دخلن سوق العمل لأول مرة. لاحقاً، استمع الكثير منهم وتشجعوا على منح النساء فرص عمل وربما مهنة طويلة الأجل". تضيف "تعمل لجنة المرأة كوسيط بين المجتمعات والإدارات. ويمكنها ربط النساء المؤهَّلات اللواتي لم تتح لهن فرصة العمل، بشركات لديها بعض الموارد المالية وتفتقر إلى الموارد البشرية".

 

تدعو سارة أمان الدين إلى المساواة وإلى بيئة عمل أكثر أمانًا للجميع

alt text
سارة أمان الدين مشاركة في لجنة المرأة التابعة لـ "الحركة الاجتماعية". الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة / نور عبد الرضا

سارة أمان الدين، 25 عامًا، معلمة لبنانية حاصلة على درجة البكالوريوس في التغذية. بعد التخرّج، تقدمت للعديد من الوظائف، وفي أثناء ذلك، لاحظت أن النساء غالبًا ما يواجهن التحرش اللفظي من أصحاب العمل ويحصلن على فرص عمل أقل من الرجال، خصوصاً في الوظائف حيث يهيمن الرجال. تقول: "ذات مرة، تقدمتُ لمنصب موظفة إتصال ميدانية، وقيل لي إنني كامرأة لا يسعني العمل في هذا المجال وأنهم يفضلون رجلاً للوظيفة. لقد شعرتُ بالغضب الشديد".

وجدت سارة في لجنة المرأة التابعة لـ "الحركة الاجتماعية" منصة لإسماع صوت النساء الناجيات من التحرّش في مكان العمل ومساحة للنضال من أجل العمل الآمن واللائق للجميع. تقول "لقد تفاجأتُ بقدراتي. قدتُ ونظّمت العديد من المهام. كنت من بين أصغر أفراد المجموعة سناً، لكنني كنت من أكثر الأشخاص التزامًا. لقد أثبتت لنفسي وللآخرين/الأخريات أنه على الرغم من أني شابة وامرأة، أنا قادرة على القيادة، ويمكنني أن أنجح". تضيف "أطالب بمكانة متساوية للمرأة في جميع الوظائف، وخصوصاً في الوظائف حيث يهيمن الرجال، مثل صيانة الأجهزة المحمولة وإصلاح الكمبيوتر". أثناء البحث عن وظائف للنساء اللواتي تدّربن على صيانة الأجهزة المحمولة من خلال البرنامج، أخبرها العديد من أصحاب العمل أن هذه ليست وظيفة تصلح للمرأة.

تشرح "من خلال استخدام مهارات التفاوض التي اكتسبتها حديثًا؛ أقنعتهم بأن توظيف النساء سيضاعف مبيعاتهن/هم لأن العميلات سيشعرن بأمان أكبر في التعاطي معهن وليس مع الرجال". تضيف "أقول للناس من حولي اعطوا الشابات فرصة لتغييرالعالم للأفضل. لدينا الإرادة، ولدينا القدرة، ولدينا القوة."

 

في إطار برنامج "سبل العيش في حالات الطوارئ للسكان المهمّشين/ات المتضررين/ات، في نطاق انفجار بيروت"، الذي تم تنفيذه بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، عملت المشاركات في لجنة المرأة ضمن "الحركة الاجتماعية" لإيجاد فرص نقدية مقابل العمل للنساء اللواتي يعشن في عدم أمان. من خلال تحديد عدد من أرباب العمل المحتملين في المناطق القريبة من بيروت والتفاوض مع الشركات لتأمين فرص عمل للنساء اللواتي أكملن تدريبهن العملي.