على لسان ريما الحمرا: ”إنّ المرأة بالنسبة لي هي مصدر قوة في مجال الوساطة“
التاريخ:
ريما الحمرا (50 عاماً) هي مديرة مركز الخدمات الإنمائية في حاصبيا التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية في جنوب لبنان الذي شهد اشتباكات مسلحة على طول الخط الأزرق[1] خلال الأشهر القليلة المنصرمة. ريما هي واحدة من بين 240 امرأة يعملن في مجال بناء السلام محلياً تم تدريبهن للعمل كوسيطات في المجتمع المحلي، وذلك في إطار مشروع "المرأة والسلام والأمن في المنطقة العربية، المرحلة الثالثة"، والذي تنفذه هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالشراكة مع كل من المركز المهني للوساطة في جامعة القديس يوسف(CPM-USJ) ومنظمة إنترناشونال ألرت بدعم سخي من وزارة خارجية فنلندا.
”أثناء دراستي لنيل الدبلوم في علم النفس في الجامعة اللبنانية، أدركت مدى التأثير الذي يمكنني إحداثه في مجتمعي من خلال الدورات التدريبية ومشاركتي الفعالة في العديد من المجموعات الشبابية في إطار الجامعة. كما أن انتخابي كممثلة عن الطلاب خلال السنة الرابعة من دراستي ساهم في إثراء عملي. وقد قمنا كلجنة طلابية بتحدّي وتفكيك القوالب النمطية المحيطة بالانتماءات السياسية ضمن الجامعات.
عندما انطلق مشروع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أتذكر كيف شجعتني زميلتي في الوزارة على اغتنام هذه الفرصة والمشاركة.
كانت التدريبات[2] التي تلقيتها في إطار المشروع أفضل ما قمت به في حياتي، وأنا سعيدة لاتخاذي قرار الانخراط فيها. والحال ان هذه التدريبات ساعدتني على تغيير نظرتي للأشخاص الذين يفكّرون على نحو خاص، وعلى تغيير طريقة تعاملي مع النزاعات، كما ساعدتني على أن أكون أكثر تقبلاً لمحيطي. وكنساء شاركن في التدريبات، أصبحت علاقتنا أقوى وتوطّدت أواصر الثقة بيننا.
بفضل هذه التدريبات، قررتُ الحصول على دبلوم مهني في الوساطة من جامعة القديس يوسف. وبما أن عملي في مركز الخدمات الإنمائية يتطلّب تفاعلاً مباشراً مع أشخاص متنوعين، لاحظت أن التدريبات التي تلقيتها عزّزَت مهاراتي في مجال الإدارة الذاتية والتحكّم في مشاعري وفهمي للآخرين وتواصلي الإيجابي معهم، فلكل شخص مساره التجريبي الشخصي. علاوة على ذلك، لاحظت أنني أصبحت أكثر سلميةً وأكثر مساندة للفئات المحتاجة.
في العام الماضي، قادت مجموعتنا من الوسيطات مبادرتين ناجحتين كجزء من مشروعنا مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالشراكة مع المركز المهني للوساطة في جامعة القديس يوسف ومنظمة إنترناشونال ألرت، وذلك سعياً لتحقيق التماسك في مجتمعاتنا المحلية.
وقد قدمنا جلسات توعية حول التواصل الإيجابي لطلاب وطالبات جامعيين في مركز الخدمات الإنمائية في حاصبيا ولنساء من المجتمع المحلي في مركز الخدمات الإنمائية في تبنين. واستنادًا إلى ردود الفعل التي أعقبت الجلسات ووردت من المشاركات في المجموعتين، لاحظنا تعزيزاً لمعرفتهن وزادت رغبتهن في حضور جلسات إضافية في المستقبل.
كما أطلقنا مبادرة تجريبية لاختبار نظام الإنذار المبكر المراعي للنوع الاجتماعي، وذلك للوقاية من النزاعات والكوارث وحالات الطوارئ والاستجابة لها من خلال عقد مناقشات جماعيّة مركّزة شملَت الأساتذة والطلاّب في محافظة النبطية فضلاً عن النساء في المنطقة.
في ظل الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها، والانهيار الكبير الذي أصاب المؤسسات العامة والوزارات، ومع اندلاع الحرب ونزوح أهالي المناطق الحدودية، تفاقمت الأزمة إلى درجة أننا أصبحنا عاجزين عن تقديم الدعم للنازحين والنازحات وأولئك الصامدين والصامدات. هذا بالإضافة إلى معاناتنا الماليّة كعمال وعاملات. كل ما يمكننا القيام به الآن هو توظيف مهاراتنا في الوساطة والإصغاء إلى الناس وتقديم الدعم النفسي لهم بقدر الإمكان.
إنّ المرأة بالنسبة لي هي مصدر قوة في مجال الوساطة حيث أن قدرتها على الالمام بمواضيع عدّة تساعدها في سياق تعزيز السلام ضمن المجتمعات المحليّة. كما أن المرأة تؤدي دورًا كبيرًا في الوساطة نظرًا لتمتعها بحس إنساني وتعاطفها ومهاراتها في صنع السلام لإحداث تغييرات حقيقية في حياة الناس في مجتمعنا المحلي.
الوساطة هي أسلوب حياة ينبغي اعتماده لضمان سلام طويل الأمد في مجتمعاتنا المحلية“.
[1] الخط الأزرق، الذي يمتد على طول 120 كم على طول الحدود الجنوبية للبنان، هو خط وضعته الأمم المتحدة في عام 2000 لغرض عملي يتمثل في تأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان.
[2] من خلال مشاركتها في هذا المشروع، عززت ريما مهاراتها في التواصل ومنع النزاعات وإدارتها وحلها وكذلك في الوساطة. وأعقبت هذه التدريبات دورات تدريبية وأنشطة ومبادرات في الميدان. كما شاركت ريما بفعالية في العديد من الدورات التدريبية، بما في ذلك تلك التي ركزت على أنظمة الإنذار المبكر المراعية لاعتبارات الجنسين، والمفاهيم الرئيسية المتعلقة بالنوع الاجتماعي، وذاكرة الحرب، وجدول أعمال مشروع المرأة والسلام والأمن.