خمسة أسئلة: "يجب القيام بالمزيد على الأرض لتلبية الاحتياجات الخاصّة للنساء والفتيات"

التاريخ:

تمارا الزين هي أول امرأة تتولّى منصب الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلميّة في لبنان. شغلت الزين أيضاً منصب رئيسة لجنة العلوم لمنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في مؤتمرها العام الثاني والأربعين في تشرين الثاني\نوفمبر 2023. تحاول الدكتورة تمارا الزين، عبر تجسيدها لصفات القائدة الرائدة، ضمان دمج شؤون البيئة والمساواة بين الجنسين في مقاربة حالة الطوارئ الإنسانيّة المعقّدة التي تتكشّف في جميع أنحاء لبنان.

alt text
الصورة: تمارا الزين

ما هو شعورك بعد أن شغلت منصبين رئيسيَّين لم تشغلهما امرأة من قبل في لبنان؟

إنّ تعييني في هذَين المنصبَين هو، على نحو ما، اعتراف وتقدير لمسيرتي المهنيّة ولقدراتي. بالنسبة لي، بصفتي امرأة، إنّ هذه المسؤوليّة كبيرة ذلك انها المرّة الأولى التي تشغل فيها امرأة منصب الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلميّة في لبنان.

لقد واجهتُ تحديات متعدّدة الطبقات منذ أن تولّيت هذا المنصب. أوّلاً، يمرّ القطاع العام منذ بعض الوقت بأزمةٍ كبيرة، وثانياً، لا يعتبر العلم والبحث العلمي من الأولويّات في أثناء الأزمات، أمّا ثالثاً، فإنّني كامرأةٍ أتحمّل مسؤوليّة إضافيّة، ذلك أنّه، ويا للأسف، يميل جزءٌ كبيرٌ من المجتمع إلى إلقاء اللّوم على جميع النساء بسبب إخفاقات أو عيوب امرأة واحدة.

 

ما هو العمل الذي قمت به في المجلس الوطني للبحوث العلميّة في لبنان وكيف تغيّرت المسؤوليّات في ظلّ الأعمال العدائيّة الحاليّة؟

عندما تولّيت مسؤوليّاتي في المجلس، ركّزت أولويّاتي على الموارد البشريّة، وإعداد الميزانيّات، وضمان التمويل ــ وهي تحدّيات واجهَتها ولا تزال تُواجهها المؤسّسات العامّة كافّة. لقد نظرنا أيضًا في كيفيّة جذب المواهب الشابّة والخبرات الجديدة.

مع بداية النزاع، قمنا، كعلماء وعالمات، بتحويل جزءٍ كبيرٍ من جهودنا لتقييم الأضرار الناجمة عن الأعمال العدائيّة بطريقةٍ منهجيّة وعلميّة. أعتقد أنّ لبنان بحاجة إلى توثيق الانتهاكات على نحو علمي ليتمكّن من أن يقدّم، أمام الجهات المعنيّة، حقائق موضوعيّة لا يمكن دحضها.

في خضمّ الأزمة، أنشأنا في العام 2024 مركزاً وطنيّاً جديداً متخصّصاً في المخاطر الطبيعيّة والإنذار المبكر. كما نسعى أيضاً إلى تزويد مختلف الوزارات والسلطات وأصحاب المصلحة الذين سيشاركون لاحقاً في إعادة الإعمار والتأهيل بتوجيهٍ شاملٍ لبناء خطط التعافي المستقبليّة.

 

تسبّبت الأعمال العدائيّة على طول الخط الأزرق، والصراع الأوسع نطاقاً مؤخّراً، في وفاة وإصابة عددٍ كبيرٍ من الأفراد ونزوحهم\ن، لكن ماذا عن الأضرار التي لحقت بالزراعة والأراضي والنظم البيئيّة؟

إنطوى عملنا حتّى الأول من تشرين الأول\أكتوبر على رصد وتسجيل نوع القصف الذي حدث وتحديده على الخريطة حتّى نتمكّن بعد ذلك من ربطه بالأضرار المُسَجَّلة التي لحقت بالزراعة والأرض والنظم البيئيّة. يُعتَبَر هذا الرصد ضروريّاً لأنّه يسمح برسم خطط تعافي مناسبة.

لقد سجّلنا 8570 هجومًا إسرائيليًاً على لبنان في الفترة الممتدّة من 8 تشرين الأول\أكتوبر 2023 إلى 01 تشرين الأول\أكتوبر 2024. منها 7842 كانت على شكل قصف وغارات جويّة، و248 كانت بالفسفور، و256 استُخدِمَت فيها القنابل الحارقة\المضيئة. إنّ استخدام الذخيرة الفسفوريّة بالقرب من المناطق السكنيّة المدنيّة أمر غير قانونيّ بموجب القانون الدولي.

أدّت هذه الهجمات إلى احتراق أكثر من 19 مليون متر مربّع من الأراضي في جنوب لبنان وأكثر من 1223 هكتارًا من الغابات، وأكثر من 120 هكتارًا من أشجار الزيتون، و100 هكتار من الأشجار المُثمرة (الحمضيّات والموز والفاكهة المختلفة)، وما إلى ذلك. يتعيّن على خطط الإنعاش أن تأخذ في عين الاعتبار كل هذه الأضرار التي أثّرت على المزارعين\ات وسبل عيشهم\ن، سواء على نحو مباشر أو غير مباشر، وعلى الاقتصاد اللبناني.

 

هل تأخذ جهود الاستجابة في جنوب لبنان الاحتياجات الخاصة للنساء والفتيات في الاعتبار؟

في ما يتعلّق بالاستجابة الإنسانيّة، فإنّنا نعلم مدى محدوديّة موارد الدولة اللبنانيّة، لذلك كان هناك اعتماد كبير على المنظّمات الدوليّة. الجدير بالذكر هو مشروع هيئة الأمم المتّحدة للمرأة مع النساء النازحات اللواتي زُوِّدنَ بأراضٍ زراعيّةٍ بديلة وجرى دعمهن في التأقلم من خلال توفير مصدر دخل لهن. للأسف، لا يزال الدعم الإنساني محدوداً، وبما أنّ عدداً قليلاً من الأشخاص موجودون في مراكز الإيواء الجماعيّة، لم تُنَفَّذ أي مشاريع واسعة هناك.

حتّى تاريخ الأول من تشرين الأول\أكتوبر، أشارت تقديراتنا إلى أنّ هناك أكثر من مليون نازح، 53 بالمئة منهم من النساء.

أعتقد أنّه يجب القيام بالمزيد على الأرض لتلبية الاحتياجات الخاصّة للنساء والفتيات. على سبيل المثال، على مستوى النساء العاملات في الزراعة، دَعَوت ليس فقط إلى تدريب النساء ليصبحن مزارعات أفضل، لكن أيضًا لتعليمهن كيفيّة التعامل مع الأراضي التي تضرّرت بسبب القصف الفوسفوري وكيفيّة إعادة تأهيل الأراضي التي تُرِكَت منذ ما يقرب من عام باعتماد طرق الري والتسميد الذكي. وبهذه الطريقة، يمكن أن يصبح الوقت الذي يقضيه النساء بعيدًا عن المنزل وقتًا يتعلّمن فيه مهارات وطرق جديدة للعمل في الأرض. لكن مع تكثيف الهجمات الإسرائيليّة على لبنان في الآونة الأخيرة، تحوّلت الأولويّة الآن إلى الاستجابة الإنسانيّة المباشرة.

 

ما هي النصيحة التي تقدّميها للنساء في الأدوار القياديّة، بما في ذلك في مجال العلوم والبحث؟

نجد دائماً هذه الصورة النمطيّة التي تقول إنّ الرجال متفوّقون بيولوجياً بطريقةٍ ما في مجال العلوم. وهذا يخلق كثيراً من التردّد لدى النساء ويمنعهن من دخول المجالات العلميّة. كلّما زاد إشراك النساء في المجتمع، زاد عدد النساء المنخرطات في العلوم.

عندما يتعلّق الأمر بالمناصب القياديّة، لا توجد توجيهات واضحة بشأن كوتا نسائيّة أو بشأن مراعاة تمثيل النساء في الترشيحات أو التعيينات أو التوظيف.

يحتاج أيضاً النساء إلى التشجيع، نظراً إلى أنّ عدد كبير منهن يقيّدن أنفسهنّ من الوصول إلى درجات ومستويات أعلى ويشكّكن في إمكاناتهنّ. نحن بحاجةٍ إلى تسليط الضوء على النساء في القيادة وعلى إنجازاتهنّ وإلّا فلن يجد النساء الأخريات مصدر إلهام لهنّ أو يُشَجَّعنَ على السير على خطاهنّ.