خمسة أسئلة: "احتياجات الجميع تتفاقم، لاسيّما النساء والفتيات. تجد المرأة نفسها الآن مسؤولةً عن معظم الأمور، إن لم نقُل عن جميعها"

التاريخ:

جوزفين زغيب لبنانيّة حاصلة على شهادة دكتوراه، وناشطة اجتماعية وسياسية منذ مدّة طويلة. تترأّس جوزفين "جمعية بيتي" غير الحكومية، وتتقلّد منصب الأمينة العامة للاتحاد اللبناني لبيوت الشباب، كما تشغل منصب نائبة رئيس شبكة المساءلة الاجتماعية في العالم العربي. انتُخبت زغيب لعضوية المجلس البلدي في كفرذبيان عام 2010 وأعيد انتخابها للمنصب نفسه عام 2016. ساهمت زغيب في وضع خطط تنمية استراتيجية لعددٍ من المدن اللبنانية والعربية، كما أطلقت الكثير من الحملات المناهضة للعدالة الاجتماعية، وساعدت الجمعيات على إضفاء الطابع المؤسسي عليها. وهي الآن مرشّحة للمجلس النيابي.

alt text
الصورة: جوزفين زغيب

هل واجهت تحدّيات كونك امرأة في منصبك كعضو في المجلس البلدي؟

لقد واجهت تحديات كثيرة، منذ أن تمّ انتخابي في المجلس البلدي للمرّة الأولى قبل 15 عامًا تقريبًا. لم تكمن المشكلة في كوني امرأة، لا بل في النظرة الذكورية التي تطغى على المجتمع. وكنت المرأة الوحيدة في المجلس البلدي، حيث عملتُ إلى جانب 14 رجلًا. تحتّم عليّ أن أرفع الصوت كي أرسّخ مكانتي وأفرض رأيي، وأرادوا أن يقتصر منصبي على رئاسة لجنة شؤون المرأة التي لم تُمنح أيّ صلاحيات فعلية، لكنني كافحتُ وتولّيتُ لجانًا أكثر تعقيدًا، مثل لجنة السياحة. بلغتُ هدفي بعد أربع سنوات إذ أسّستُ مكتب تنمية المرأة الذي أرسى نموذجًا جديدًا تبنّته أكثر من اثنتي عشرة بلدية أخرى. وحتّى يومنا هذا، لا يزال كثيرون يعتقدون أنّ المرأة لا تستطيع تولي اللجان الأساسية، مثل لجنة الأشغال العامة، حيث يعتبرونها تفتقر إلى المعرفة والمهارة اللازمة للإشراف على أعمال البناء.

أمّا اليوم، فلم أعد أواجه هذه الصعوبات، إذ رسّخت حضوري وأثبتُّ أهمية مشاركتي وفعاليتها في هذا المجال، لكنّني أدرك أن المجالس البلدية الأخرى لا تزال تمتلك فكرًا متخلّفًا وصورًا نمطية عن المرأة باعتبارها ضعيفة وغير مؤهلة لمثل هذا العمل.

كيف ساهمت تجربتك في المجتمع المدني في منصبك كعضو في المجلس البلدي؟

بفضل تجربتي في المجتمع المدني، استطعتُ إقامة شراكات جديدة والتواصل مع سائر المنظّمات والجهات المعنيّة، وأبرزها شراكتنا الإستراتيجية مع صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني التابع لهيئة الأمم المتّحدة للمرأة. فمن خلالها، تمكّنتُ مع فريق العمل من تطوير مفاهيم صلبة أستخدمها للدفاع عن قضايا المرأة في إطار منصبي في المجلس البلدي. أمّا في جمعيّة بيتي، فنصبّ تركيزنا على المساءلة العامة بهدف تحقيق حوكمة أفضل، لذلك نظّمنا نشاطات عدّة ضمن المجلس البلدي أوّلها تضمين المساءلة والحوكمة في خططنا وعملنا.

وبما أنّني أسّستُ منظمة غير حكومية تضم عددًا من النساء اللواتي يسعينَ إلى تأدية دورٍ فعال في المجتمع، قُمتُ بتأسيس مكتب تنمية المرأة في البلدية عام 2012، ليكون بذلك نموذجًا لدور المرأة في التنمية المحلية عبر المشاركة المجتمعية. وقد حذت حذونا أكثر من 12 بلدية أخرى في لبنان حيث عملت على إنشاء مثل هذه المكاتب، لذا، لا يسعني فصل عملي داخل المنظمة غير الحكومية عن منصبي في البلدية.

كيف تغير عملك في ظل تصاعد الصراع وزيادة حركة النزوح في لبنان؟

ترافق هذا الوضع مع تداعيات واسعة النطاق، ذلك ان حياة الناس انقلبت رأسًا على عقب، واضطررنا إلى التخلّي عن الأساليب المنهجية التي اعتمدناها سابقًا لنفكّر في أولويات لم نأخذها في الاعتبار من قبل. في البلدية مثلًا، عملنا على إنشاء محطّة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية لنزودّ عددًا من المنازل بالطاقة الكهربائية. ودائمًا ما نفكّر في السبل المتاحة أمامنا لدعم جميع النازحين والنازحات الذين تستضيفهم بلدتنا حاليًا.

alt text
الصورة: جوزفين زغيب

في "أوبيرج بيتي"، بعد أن استجبنا للنداء الإنساني الأوّلي ولبّينا حاجة الناس الملحّة إلى المأوى والغذاء في الأسبوع الأوّل، أردنا الحفاظ على كرامة النازحين والنازحات. لذا، حاولنا تأمين حمّام خاص لكل عائلة لضمان المزيد من الخصوصية والراحة. كما طلبنا من السكّان المحليين والعاملين والعاملات لدينا استخدام مصطلحات شاملة وتجنب المصطلحات التي تعبّر عن الشفقة عند التحدث إلى النازحين والنازحات أو عنهم. بدأنا أيضًا باستكشاف كيفية رؤية النازحين والنازحات للمجتمع المضيف لهم.

ماذا تفعلين لتلبية احتياجات النساء والفتيات النازحات؟

تتزايد احتياجات الجميع، لاسيّما النساء والفتيات، ومن أبرزها وأهمّها نذكر الفوط الصحية والملابس الداخلية ... في ظلّ هذه الأوضاع الحرجة، تجد المرأة نفسها مسؤولة عن معظم المهام اليومية، إن لم يكن كلها، من الطهي والتنظيف إلى غسل الملابس ورعاية الأطفال ومساعدتهم في دراستهم. لذا، لا عجب أن تشعر بالإرهاق، على الصعيدَين الجسدي والنفسي. لاحظتُ في الأسبوع الأول من استضافتنا للنازحين والنازحات أنّ النساء يغسلنَ ملابس العائلة بأكملها يدويًا، فاشتريتُ غسالة للتخفيف من هذا العبء.

أمّا في ما يتعلّق بجهود التنسيق، وبصفتي رئيسة لمنظمة غير حكومية تدير الآن أحد مراكز الإيواء التي تستضيف النازحين والنازحات، أكون على تواصل دائم مع قوى الأمن الداخلي والقائمقامية، حيث ننقل لهم احتياجاتنا، والنقص في الغذاء أو الإمدادات، وما إلى ذلك. كما ننسّق مع مختلف البلديات والقوات المسلحة اللبنانية والمنظمات غير الحكومية الأخرى.

ماذا تفعلين لإيصال صوت المرأة وتمثيلها في مجال صناعة القرار؟

كلّما جَرَت استضافتي في إحدى الإذاعات أو محطات التلفزة، ألقي الضوء على احتياجات النساء في مراكز الإيواء وعلى قدراتهنّ القيادية. يضمّ مركز "أوبيرج بيتي" للإيواء ستُ قائدات أنسّق معهنّ بشأن وصول المساعدات وطُرق توزيعها، سواء كانت طعامًا أو بطانيات أو غيرها من المواد.

إن تولي هؤلاء النساء المسؤولية، سواء كنّ نازحات أم نساء محليات، يمنحهنّ دورًا أكبر ضمن أسرهنَّ ومجتمعاتهنَّ ويمكّنهنَّ من إثبات أنفسهنَّ وتأدية دور فعّال على مستوى الإدارة. كما أنني أدعم النساء للإشراف على زيارات المستوصفات، فيقُمنَ بتنسيق المواعيد مع الأطباء لأعضاء أسرهنّ. وأعتقد أنّ كلّ هذا جزء من رسالتي في الحياة.