نساء يُخبرن قصص الأزمة والنزوح في لبنان
التاريخ:
"القصف على مسافة قريبة جدًا، والخوف يسيطر عيلنا"، تقول زينب قبلان سلميّة، وهي سيدة مطلقة تبلغ من العمر 45 عامًا ولديها طفلان، وتعيش في مخيم الرشيدية للاجئين/ات الفلسطينيين/ات على ساحل لبنان الجنوبي.
تعرّض مخيم الرشيدية، الذي كان يضم أكثر من 36,000 شخص، وغيره من المخيمات الفلسطينية، بما في ذلك مخيم عين الحلوة، لنيران الهجمات منذ أن صعّدت القوات الإسرائيلية هجماتها على لبنان في أواخر أيلول/سبتمبر. فرّ العديد من السكان إلى أجزاء أخرى من البلاد؛ ولكن سلميّة تقول إنها لا تستطيع تحمل تكاليف المغادرة.
تضيف "نحن هنا بمفردنا الآن ولا يمكننا الانتقال إلى مكان آخر بسبب وضعنا المالي". تقول "لا أستطيع شراء الخبز؛ أطفالي لم يتناولوا الفطور، وليس لدينا أي مكان نذهب إليه."
بدأت الأعمال العدائية المكثفة في تشرين الأول/أكتوبر 2023 وتصاعدت منذ 23 أيلول/سبتمبر 2024، مما أثّر على سبل عيش النساء في لبنان وزاد من حاجتهن إلى الحماية والمأوى والطعام والمساعدة الصحّية والنقدية، وفقًا نشرة حول النوع الاجتماعي صدرت أخيراً عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
حتى أوائل تشرين الأول/أكتوبر، يقدّر بأن نحو 520,000 امرأة وفتاة قد نزحن ويحتجن بشكل عاجل إلى مأوى وأمان. وتقدر هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن ثمة 12,000 أسرة نازحة ترأسها نساء.
رحلات النزوح والخسارة
"غادرتُ المخيم وأنا أشعر بالخوف والرعب، بكيتُ طوال الطريق لأنني كنت أسمع أصوات الطائرات الحربيّة وتلك الطائرات بدون طيار"، تقول عبير عبد الكريم حسين، وهي أرملة تبلغ من العمر 46 عامًا فرّت من مخيم الرشيدية عندما تعرض للنيران.
"تضيف "كنتُ في حالة من الذعر والصدمة". عندما وصلَت أخيرًا إلى صيدا، جنوب بيروت، قالت حسين إنها رأت "الناس ينامون في الشوارع لأنه لم يكن لديهم مأوى، وشعرتُ بحزن عميق. وصلتُ إلى منزل غير صالح للسكن."
حتى في صيدا، لم يكن النساء خارج دائرة الخطر. هدى فرحات، وهي امرأة تبلغ من العمر 32 عامًا فرّت من مخيم الرشيدية في 29 أيلول/سبتمبر، تقول إن صيدا كانت أيضًا تحت القصف، مما وضع أسرتها تحت خطر جديد.
"أخت زوجي في بداية حملها، ولم تتمكن من إجراء فحص روتيني، وطفلتي ذات العامين تبكي طوال الليل وتريد رؤية والدها"، تقول فرحات. "احتياجاتي العاجلة الآن هي الأمان، وإيجاد مكان آمن لأسرتي، أحتاج إلى مأوى ورعاية صحية وإلى توفّر الطعام على نحو مستمر- وبالطبع، لا أريد لابنتي أن تكبر من دون والدها."
يقدر أن هناك نحو 11,600 امرأة حامل في لبنان، حوالي 4,000 منهن من المتوقع أن يلدن في الأشهر الثلاثة المقبلة. لديهن احتياجات غذائية وصحية عاجلة وخاصة، بالإضافة إلى احتياجات متزايدة للحماية والدعم النفسي والاجتماعي.
تقول غدير* "تحتاج ابنتي الصغيرة إلى حليب وحفاضات، وأنا حامل"، وهي أم تبلغ من العمر 23 عامًا فرّت من مدينة كفررمان الجنوبية إلى برجين، شمالاً.
تقول "إنّ بدل استشارة الطبيب والأدوية باهظة الثمن"، تضيف "الوضع صعب للغاية ومرهق، وأشعر بالقلق الشديد في شأن ولادة طفلي. هل سأتمكّن من الذهاب إلى المستشفى؟"
أدت الأزمة أيضًا إلى ارتفاع الأسعار، مما أضاف تحديًا آخر للنساء النازحات اللواتي يسعين للأمان.
"لم يكن أمامنا خيار سوى المغادرة مصطحبين حقيبة تحتوي فقط على وثائقنا الشخصية"، تقول حنان*، التي فرّت من مدينة بعلبك في البقاع الشرقي بعد ثلاثة أيام من القصف.
تضيف "كان أحد أصعب القرارات التي غيّرت حياتي بالكامل. أعيش في خوف دائم من أن يتم تدمير منزلي، وأقلق بشأن أفراد عائلتي الذين بقوا."
لكن عندما وصلت حنان وعائلتها إلى الأمان النسبي في بلدة سعدنايل، واجهتهم تحديات أخرى تمثّلت بارتفاع هائل في بدل الإيجارات والأسعار في الأسواق المحلية.
تقول "من الصعب علي قبول فكرة أنني صرتُ الآن نازحة"، تضيف "تمتزج مشاعر الحزن والغضب والقلق."
تضيف: "أحاول أن أكون قوية أمام عائلتي وإخوتي، لدعمهم والوقوف بجانبهم، لكن في النهاية، لن أكذب على نفسي - في داخلي، أشعر بالاختناق."
قد لا يملك العديد من النساء منازل للعودة إليها حتى إذا هدأت الأزمة. ر.ح.*، أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 48 عامًا، اضطرت إلى الفرار من قريتها طاريا في 23 سبتمبر بعد أن دمّرت الغارات الجوية منزل أسرتها." تقول "لا أعرف ماذا أفعل"، تضيف "كيف يمكنني إعادة بناء ما دُمر وكل شيء أملكه قد ضاع؟"
تقول ر.ح. إن تدمير منزلها ألقى مستقبل أطفالها في الفوضى، لكنها لا تستطيع الاستسلام، ذلك انه يتعيّن عليها البقاء قوية من أجل بناتها الأربع، اللواتي لم يعدن يستطعن النوم أو الأكل جيدًا.
تقول "عليّ الاستمرار، حتى لو كنت لا أعرف ماذا سيأتي به الغد".
استجابة هيئة الأمم المتحدة للمرأة
تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة بما يتماشى مع تفويضها على تقديم المساعدات والخدمات المُنقذة للحياة للنساء والفتيات المتأثرات بالصراع. وتعمل الهيئة مباشرة مع النساء والفتيات المحتاجات، وتتعاون مع المنظّمات المحلية التي تقودها نساء ومنظمات حقوق المرأة لضمان أن تلبّي المساعدات الإنسانية احتياجات وأولويات النساء والفتيات وأسرهن على نحو عادل.
تشمل هذه المساعدة التحويلات النقدية الطارئة، وخدمات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، والدعم النفسي والقانوني، والمساعدات المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات النساء والفتيات في المجتمعات المهمشة، كمثل الأسر التي ترأسها نساء والأرامل والعاملات المنزليات المهاجرات والنساء ذوات الإعاقة. يهدف برنامج الهيئة لمدة ستة أشهر إلى الوصول إلى أكثر من 200,000 امرأة نازحة داخليًا والعديد من المنظمات التي تقودها النساء.
طوال فترة الأزمة، ستعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة أيضًا على ضمان المشاركة الفعّالة للنساء في عمليات صنع القرار المتعلقة بتخطيط وتنفيذ ومراقبة الاستجابة الإنسانية.
*طلبت ر.ح. أن يعرّف عنها من خلال الحرفين الأولين من إسمها وشهرتها فحسب، وطلبت غدير وحنان أيضاً عدم الكشف عن إسميهما بالكامل في هذا المقال.
تم نشر هذه القصة لأول مرة على الموقع العالمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة.