الدفع بعجلة التغيير على مستوى مبادرات الطاقة
التاريخ:
كارول عيّاط، متخصصة في تمويل الطاقة، ومصرفية استثمارية، وباحثة في "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" في الجامعة الأميركية في بيروت، وهي عضوة في مجلس إدارة "المبادرة اللبنانية للنفط والغاز" (لوغي) وتدعو إلى إنتاج الكهرباء بطريقة مستدامة. في رأي عياط إن الطاقة الخضراء تدور حول إنشاء نظام بيئي وتحسين رفاهية المواطنين والمواطنات. يعدّ توفير بدائل للطاقة المتجددة أمرًا ضروريًا لأنها أكثر نظافة وأرخص كلفة وأكثر أمانًا – لكن الحكومات ستحتاج إلى وضع سياسات وإجراء استثمارات معينة في وقت مبكر لدفع التغيير.
كارول عيّاط في بيروت. تصوير هيئة الأمم المتحدة للمرأة/ لورين روني
حصلت كارول عيّاط على درجة الماجستير في الاقتصاد المالي وشهادة البكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة الأميركية في بيروت وعملت في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية في لبنان والخارج. انضمّت إلى أحد البنوك الرائدة وأنشأت قسم تمويل الطاقة حيث أتيحت لها الفرصة للعمل في مشاريع الطاقة المتجددة في البلدان التي عملت فيها، ولا سيما في تركيا ولبنان. تقول: "كنت مندفعة لإيجاد حلول مبتكرة وصديقة للبيئة لمشكلة الكهرباء الطويلة الأمد في لبنان أيضًا، وفي الدعوة لمشاريع الطاقة المتجددة".
تشارك عيّاط في مناقشات السياسة العامة حول الطاقة وتعتقد أن إيجاد بديل للكهرباء القائمة على الوقود من خلال اللجوء إلى الموارد الطبيعية يحسن الموارد المالية والبيئة ويعزّز الأمن القومي. تقول "في لبنان، أدى الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري لإنتاج الكهرباء إلى تأثير ضار على المالية العامة وميزان مدفوعاتنا؛ وأخيرًا واجهنا نقصًا في الوقود الأحفوري مما هدد أمن الطاقة. يعتبر أمن الطاقة – الارتباط بين الأمن القومي وتوافر الموارد الطبيعية لاستهلاك الطاقة – أمرًا بالغ الأهمية لأي دولة لتصبح أكثر استقلالية في مجال الطاقة عن الدول الأجنبية".
مؤسسة شركة كهرباء لبنان مرفق عام يتحكم بـ 90٪ من إنتاج الكهرباء في البلاد وينبغي لها التحوّل إلى الطاقة الخضراء. عملت عيّاط وفريقها على ترتيب التمويل لأول مشاريع الطاقة المتجددة على نطاق المرافق (الرياح والطاقة الشمسية) في لبنان من خلال التعاون الوثيق مع بنوك التنمية وذلك منذ عام 2017. تقول: "لقد واجهنا عقبات تقنيّة وماليّة وقانونيّة وتنظيميّة. كان لدى بنوك التنمية قائمة طويلة من متطلّبات الإصلاح من شركة كهرباء لبنان: إعادة موازنة المالية، وتحسين الحوكمة، وإصلاح الشبكة، والحصول على كهرباء بشكل أساسي. هناك حاجة ماسة للإصلاحات للسماح للقطاع الخاص بالمضي قدمًا في مثل هذه المشاريع. لقد تلقينا الموافقات المالية للمضي قدمًا في المشاريع في عام 2019، ولكن تم تعليقها بعد بدء الأزمة".
في أعقاب الأزمة المالية، تعتقد عيّاط أن برنامج "صندوق النقد الدولي" هو الطريقة الوحيدة للحصول على تمويل خاص لمشاريع الطاقة المتجددة. يعدّ إصلاح الكهرباء أحد المتطلبات الأساسية لتأمين المضي في خطة صندوق النقد الدولي للتعافي. في إطار عملها في "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية"، تجري عيّاط أبحاثًا ودراسات مع أقرانها وخبراء لتقديم الأفكار والحلول لقطاع الكهرباء. وتقول: "إن دراسة استثمار خياري محلي لإصلاح قطاع الكهرباء التي نشرتها في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، توفر حلًا شاملًا خارج الأفكار النمطية لقطاع الكهرباء عبر التوليد والنقل والتوزيع. في ظلّ الانهيار الأخير لمؤسسة كهرباء لبنان، ويا للأسف، باتت المولدات الخاصة توفّر ما يصل إلى 18 ساعة من الكهرباء في اليوم. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع كبير في مستويات التلوّث مما أثر سلبًا في صحة الشعب اللبناني".
عيّاط هي عضوة أيضًا في مجلس إدارة "المبادرة اللبنانية للنفط والغاز" (لوغي) وهي منظمة غير حكومية مستقلة تأسّست عام 2015 بهدف زيادة الوعي والشفافية والمساءلة حول قطاع النفط والغاز في لبنان. "على مدى السنوات السبع الماضية، أثبتت منظمة "لوغي" نفسها كلاعبة مستقلة وموثوقة، وتمكنت من تحسين القوانين لقطاع النفط والغاز، وتعزيز الشفافية والمساءلة. انضممت إلى مجلس الإدارة لمساعدة "لوغي" على توسيع مهمتها لتشمل قطاع الكهرباء ودعم انتقال الطاقة أيضًا. لن يحدث التحوّل غدًا، لكننا نحتاج إلى البدء في بناء الأساس للسماح بحدوث ذلك في أسرع وقت ممكن، وهذا يشمل استخدام الغاز الطبيعي جنبًا إلى جنب مع مصادر الطاقة المتجددة، ولفترة موقتة".
تعتبر الكهرباء ضرورية للنشاط الاقتصادي الحديث وهي مدخل أساسي للعديد من الخدمات العامة. تشير عيّاط إلى أن "فقر الطاقة يؤثر ويا للأسف على النساء أكثر من الرجال، لذلك نحتاج كنساء إلى أن نلعب دورًا فعالًا في تشكيل السياسة العامة للطاقة." مع نقص وقود الديزل، بات من المستحيل إنكار فوائد الطاقة المتجددة. اليوم، الطاقة المتجددة هي أرخص أنواع الكهرباء وأنظفها وأكثرها أمانًا وموثوقية؛ في ظل وجود الشمس أو الرياح، يمكن إنتاج الكهرباء. تشرح عيّاط: "عندما تقوم بتثبيت لوحًا شمسيًا، سواء كنت شركة أو فردًا، فإن فترة الاسترداد المالي لإنفاقك قصيرة جدا. في غضون نحو ثلاث سنوات ستستعيد الكلفة التي استثمرتها، في حين يمكن استخدام الألواح الشمسية لـ 30 عاما. بمعنى آخر، إذا قمت بتثبيت أي لوح شمسي اليوم، فعمليًا إن الكهرباء التي تستخدمها ستكون مجّانية بعد ثلاث سنوات. تحتاج الشركات إلى إدراك أن الطاقة المتجدّدة أرخص بكثير على المدى الطويل".
لدينا 300 يوم من الشمس وطاقة رياح ممتازة في لبنان، لكننا بحاجة إلى إطار قانوني وتنظيمي لتوسيع استخدام الألواح الشمسية. تؤيد عيّاط إنتاج الكهرباء المتجددة اللامركزية على مستوى البلديات والقطاع الخاص. وتقول إن ثمة قانون مقترح بشأن الطاقة الشمسية اللامركزية على جدول أعمال الحكومة. "آمل أن يدفعوا به إلى الأمام دون تعديلات، للسماح للقطاع الخاص بتوسيع نطاق الطاقة المتجدّدة اللامركزية. لدينا موارد كثيرة في لبنان – الشمس، والرياح، والمياه، والغاز، وخصوصًا رأس المال البشري – ولكن ويا للأسف، لا نستفيد منها،" تعلّق عياط.
تغير المناخ هو أكبر تهديد للبشرية. ذلك أنه يؤثر على الأمن الغذائي والمياه النظيفة ويزيد من مستويات الفقر وعدم المساواة. تعتقد عيّاط أن الاعتماد على العمل الحكومي ليس كافيًا: "تحتاج شركات القطاع الخاص إلى الانضمام إلى الكفاح ضد تغير المناخ. هناك الملايين من الحيوانات وأنواع النبات المعرّضة لخطر الانقراض. أي عالم نريد الاحتفاظ به للأجيال القادمة؟ لم يعد الوصول إلى مستوى "صافي صفر" كافيًا، تحتاج الشركات إلى أن تسهم بشكل إيجابي في مجتمعها، وعلى مستوى البيئة، ومع جميع أصحاب المصلحة.
"لا أريد أن يعيش إبني في عالم حيث أصبحت حرائق الغابات والأعاصير والأوبئة والفيضانات أكثر شيوعًا وتدميرا. لقد رأينا تأثير تغير المناخ في لبنان، وكيف تشتعل حرائق الغابات، وتضيع الموارد الطبيعية. علينا جميعًا واجب التصرف بشأن تغير المناخ،" تختتم عياط.