الإصغاء إلى النساء في السياسة: تقرير حديث لهيئة الأمم المتحدة للمرأة والإسكوا يخبر قصص سبع سياسيّات لبنانيّات رائدات كسرنَ "السقوف الزجاجيّة"

التاريخ:

alt text
الصورة: هيئة الأمم المتحدة للمرأة \ اسكوا

بيروت، 12 كانون الأول / ديسمبر 2022 - أطلقت اليوم هيئة الأمم المتحدة للمرأة ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) تقريراً مشتركاً حول المشاركة السياسية للمرأة معنوَن "المشاركة السياسية للمرأة: رؤىً من واقع تجربة سياسيّات لبنانيّات". يقدّم التقرير تحليلاً لمجموعة من سبع مقابلات شاملة مع سياسيّات لبنانيّات فاعلات، ويستكشف التحدّيات والفرص التي واجهنها خلال تبوء مناصبهن.

على الرغم من حصول النساء اللبنانيّات على حق التصويت في عام 1952، وعلى الرغم من وجود حركة نسويّة نابضة، لم تزل المرأة مُمَثَّلَة تمثيلًا ناقصًا بشكلٍ كبير في الحياتين العامّة والسياسيّة. منذ عام 1943، شُكّلت في لبنان 88 حكومة، ضمّت تسع حكومات منها، فقط، نساء، واليوم يمثّل النساء 4% فقط من حكومة تصريف الأعمال الحاليّة من خلال وزيرة فحسب، من أصل 24 وزيراً. ويحتل لبنان المرتبة 110 من أصل 146 دولة في التمثيل السياسي بحسب ما جاء في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2022 حول الفجوة بين الجنسين – إشارة إلى أنّ هذا الترتيب استند إلى نسبة 30% من النساء في مجلس الوزراء في مطلع عام 2021 – كما احتلّ لبنان المرتبة 183 من أصل 187 دولة من حيث مشاركة المرأة في البرلمان. بالمقارنة مع جيرانه في المنطقة العربية، يتخلّف لبنان كثيراً عن الركب، إذ  يحتل المرتبة 15 من بين 17 دولة عربية في نسبة البرلمانيّات.

قال السيد عمران رضا، نائب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان والمنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان في كلمته الافتتاحية: "في دعوتنا إلى ضمان حقوق المرأة، لا نطالب بأجندة جديدة، بل نطالب بأجندة قائمة يتعيّن التقيّد بها فَتَتمّ حماية المكاسب المرتبطة بحقوق المرأة والتي تحقّقت بصعوبة، ويتمّ تحفيز المزيد من الاستثمارات في التعلّم مدى الحياة، والرعاية الصحية، والوظائف اللائقة، والحماية الاجتماعية للنساء والفتيات. إن معالجة هذه القضايا والدعوة إلى المساواة في التمثيل السياسي تتطلبان الوقوف كجبهة موحّدة"، مشددًا بذلك على الحاجة إلى تعزيز ومضاعفة المكاسب التي حققتها النساء اللبنانيات السبع اللواتي اخترقن الحواجز التي تحول دون تمثيل المرأة  سياسياً.

بغية فهم التحديات بشكلٍ أفضل وتقديم نظرة من الداخل حول المشاركة السياسية للمرأة في لبنان، أجرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة والإسكوا بين عامي 2020 و2021 مقابلات مع سبع نساء لبنانيّات يعملن في السياسة، وهنّ " رائدات" في مجالاتهنّ. النساء اللواتي تمّت مقابلتهنّ من أجل التقرير هنّ سعادة النائبة د. عناية عزالدين، معالي الوزيرة السابقة د. ريّا حفار الحسن، معالي الوزيرة السابقة والنائبة الحالية ندى بستاني خوري، سعادة النائبة بولا يعقوبيان، السيدة سلام يموت، سعادة النائبة السابقة ميرنا البستاني، ود. شانتال سركيس.

وقالت آن ديسمور، سفيرة السويد في لبنان: "نظرًا إلى أن السويد أكبر داعم مالي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، فنحن نريد ضمان إدماج منظور المساواة بين الجنسين في صنع السياسات على نحو واسع على الصعيدين الوطني والدولي. في لبنان، سنستمر في دعم مناصرة حقوق المرأة والمجموعات النسويّة لضمان حصول النساء المنتميات إلى جميع مكوّنات المجتمع اللبناني على فرص متكافئة لبلوغ المؤسسات السياسية ومواقع النفوذ. نعلم أن ما يتعيّن القيام به يتطلّب إرادة سياسية لكن أيضًا كوتا نسائية تكون مصممة جيدًا ومُنفذة بشكل فعال بالإضافة إلى عمل إستراتيجي طويل الأمد من أجل أن نشهد تغييرًا حقيقيًا في انتخابات المجلس النيابي اللبناني لعام 2026، جنبًا إلى جنب مع إصلاحات صندوق النقد الدولي."

بدعمٍ من سفاراتي السويد وفنلندا، يهدف التقرير إلى تزويد صانعي\ات السياسات وممارسي\ات السياسة بفهمٍ أفضل للتحديات – والفرص – التي تُواجهها المرأة عند سعيها لبلوغ منصب عام و\أو سياسي في لبنان. وينطلق  من فكرة أن الإدماج الكامل والهادف للمرأة في القيادة وصنع القرار هو شرط مسبق وحاسم لتحقيق الديمقراطية الحقيقية والمساواة بين الجنسين.

أشارت آن مسكانين، سفيرة فنلندا في لبنان إلى: "أن مخاطر وكلفة إقصاء المرأة من الاقتصاد والسياسة أكبر من أن نتجاهلها. لم يعد بإمكان لبنان انتظار الإصلاحات قبل اتخاذ إجراءات بشأن قضايا العدالة والمساواة الاجتماعية. بل على العكس، يتعيّن إعطاء الأولوية، في  أجندة الإصلاحات، لحقوق المرأة والتمكين الاقتصادي والادماج في المجتمع".

يدعو التقرير، إلى تطبيق تدابير خاصة موقّتة على شكل كوتا نسائية في الانتخابات، وإلى تضمين الأحزاب السياسية النساء في لوائحها، وإلى إقامة شبكات وأنظمة دعم قوية للمرأة في السياسة، وإلى دعم تطوير بيئة داعمة للمرأة في السياسة مؤلفة من رجال ومن نساء.

قالت مهريناز العوضي، مديرة مجموعة السكان والعدالة بين الجنسين والتنمية الشاملة في الإسكوا: "تمثّل المشاركة السياسية المتدنيّة للمرأة تحديًا في جميع أنحاء المنطقة؛ لكن حالة لبنان فريدة للغاية بسبب البيئة السياسية العامة. قصص النجاح كمثل تلك التي نوقشت اليوم تعطينا الأمل في أن ثمة ضوء في نهاية النفق. نحييّ جميع النساء اللواتي استطعن ​​كسر الحاجز الزجاجي ونشجع اللواتي يرغبن في دخول معترك السياسة لكنهن خائفات".

قالت راتشيل دور-ويكس، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان: "يتمتّع لبنان بثروة من القياديّات النسائية الماهرات والمتمكّنات والمستعدات للمساهمة في تعافيه. لقد ثبُت أن الوضع الراهن غير مستدام. حان وقت التغيير."