من موقعي هذا: "سمح لي تعلّم الدفاع عن النفس بالتعبير عن نفسي بحريّة"
التاريخ:
جنين اليخنة، طالبة تمريض لبنانية تبلغ من العمر 20 عاماً وتقدّم الرعاية المنزليّة للمرضى في طرابلس - وهي مدينة تقع في شمال لبنان - منذ أن كانت في الثامنة عشرة من عمرها. لقد اختارت هذه المهنة بسبب شغفها برعاية الآخرين، لكنها لم تكن على دراية بالمخاطر المحتملة للعمل في حرمة منازل الآخرين. بسبب شعورها بعدم الأمان في العمل، التحقت جانين بدروس الدفاع عن النفس لتحويل خوفها إلى تمكين وتعزيز ثقتها بنفسها وتعلّم كيفية الاستجابة بفعاليّة للعنف والتحرش القائمين على النوع الاجتماعي.
تعتبر دروس الدفاع عن النفس جزءاً من الخدمات التي تقدمها هيئة الأمم المتحدة للمرأة مع التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني في إطار المشروع المشترك "استجابة متعدّدة القطاعات للأزمة الإنسانيّة في طرابلس من خلال نهج الأمن البشري"، بقيادة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية واليونيسف وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وبتمويل من صندوق الأمم المتحدة الاستئماني للأمن البشري. ويهدف المشروع إلى تحسين أمن المجتمعات المحليّة وقدرتها على الصمود في محيط منطقة الشلفة في طرابلس، من خلال تلبية الاحتياجات الأساسية وتعزيز تقديم خدمات الحماية.
"خلال جائحة كوفيد-19، لاحظتُ مدى معاناة قطاع الرعاية الصحيّة في لبنان، بل وأكثر من ذلك، تنبهتُ إلى التضحيات التي قدمها الممرضون والممرضات للاستجابة لهذه الأزمة. كانت مشاهدة قوتهم/ن وتعاطفهم/ن أحد الأسباب التي جعلتني أقرّر دراسة التمريض، للانخراط في القطاع الصحي وتوفير الرعاية للأشخاص الذين هم/ن في أمس الحاجة إليها.
يُعدّ التحرش اللفظي في قطاع التمريض أمراَ شائعاَ لدرجة أن الكثيرين/ات يعتقدون/ن أنه جزء من الوظيفة، وغالبًا ما يكون مرتكبوه من المرضى أو الطاقم الطبي أو الزوار. تعرّضتُ أيضاً للملاحقة من قبل أفراد من طاقم العمل أثناء عملي في أحد المستشفيات، وهذه التجربة جعلتني أستقيل من منصبي وأنتقل إلى الرعاية الخاصّة.
سواء كنت أعمل في مستشفى أو في منزل مريض/ة، واجهتُ حوادث لا تُعَد ولا تُحصى تعَرّضَت خلالها سلامتي للخطر. وفي قطاع الرعاية الخاصة، لاحظتُ أن العديد من الأسر التي ترعى كبار السن عمدَت إلى إزالة الأقفال والأبواب أو إلى وضع كاميرات حول المنزل لمراقبة كبار السن. على سبيل المثال، خلال رعايتي امرأة تبلغ من العمر 80 عامًا، قام وليّ أمرها بإزالة باب الحمام الأساس وتركيب كاميرا بالداخل. لسوء الحظّ، كان هذا الحمام الوحيد المتاح في المنزل، مما جعلني أشعر بعدم الراحة لعدم وجود فسحة للمحافظة على خصوصيتي، لذلك قررت المغادرة.
عندما علمتُ لأول مرة بشأن دروس الدفاع عن النفس التي توفّرها هيئة الأمم المتحدة للمرأة مع التجمّع النسائي الديمقراطي اللبناني، اهتممتُ بمعرفة المزيد. لقد تعلّمنا "التايكوندو"، وهو فن قتالي مختلط يركّز على كيفية الدفاع عن النفس من أي هجوم وعلى تطوير ذهنيّة مستقرة وأكثر توازناً.
لا أستطيع أن أصف مدى شعوري بالتمكين بعد إكمال الجلسات الـ12. كنت أشعر يوما بعد يوم، بأنني أصبحتُ أقوى جسدياً وعقلياً. لقد تعلّمنا كيفية الإبقاء على التركيز على هدفنا في موازاة التحكّم في أجسادنا وكيفية الفرار عندما تكون اليدين مكبّلتين، بالإضافة إلى حركاتٍ أخرى.
كما علمّتنا المدرّبة كيفية الدفاع عن أنفسنا من خلال التواصل اللفظي والاستراتيجيات النفسيّة من دون اللجوء إلى العنف. وذكّرتنا بأننا أكثر قوة بكثير مما نعتقد، ونحن الآن نؤمن بأنفسنا وبقدرتنا على الاستجابة للمواقف التي نشعر خلالها بالخطر.
لقد منحتني دروس الدفاع عن النفس الشجاعة للتعبير عن نفسي بحريّة أكبر. في حال شعرتُ بعدم الأمان في العمل أو المنزل أو الشارع، بتتُ أعرف الآن كيفية الردّ والاستجابة والإبلاغ عن الموقف بشكل مناسب وفعّال.
أعتقد أنّ على جميع النساء والفتيات أن يتعلّمن أساسيّات الدفاع عن النفس وأن يصبحن أكثر قدرة على الدفاع عن أنفسهن في مواجهة العنف. الآن أعلم أنّنا، كنساء، قويّات ولا ينبغي إسكاتنا."
جنين هي واحدة من 150 امرأة وفتاة يتلقّين دروس الدفاع عن النفس في "مركزنا"، وهو مركز مجتمعي متعدد الخدمات أُعيد تأهيله حديثاً وهو مخصّص لأطفال والشباب والنساء وأفراد المجتمع في طرابلس وينفّذه برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية واليونيسيف وهيئة الأمم المتحدة للمرأة بتمويل من صندوق الأمم المتحدة الاستئماني للأمن البشري. تهدف دروس الدفاع عن النفس إلى تعزيز شعور المرأة بالأمان ومنحها الثقة للدفاع عن نفسها ضد الأذى العقلي والعاطفي والجسدي في جميع ميادين حياتها.