على لسان فداء الساحلي: "نسعى لإيجاد الحلول، ولكن بدون دعم، تبقى جهودنا محدودة"
التاريخ:
فداء الساحلي، 56 عامًا، هي ناشطة إنسانية، دافعت عن التنمية والتغيير الاجتماعي والمواطنة الفعّالة وتمكين الشباب والشابات في محافظة بعلبك الهرمل - لبنان لأكثر من عقدين. ترشحت للانتخابات البلدية في العام 2016، وهي حالياً تقود "جمعية العاصي للتنمية" في الهرمل، وتدير مشروعاً ممولاً من صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني تدعمه هيئة الأمم المتحدة للمرأة لتمكين النساء صانعات السلام. في ظل تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية، تم تهجير العديد من النساء المشاركات في المشروع، حيث نزح البعض إلى سوريا والبعض الآخر إلى بيروت والقرى المجاورة. أما اللواتي بقين فهن مستمرات في عملهن ويحافظن على التواصل مع زميلاتهن النازحات، رغم محدودية الموارد وصعوبة التنقل والمخاطر التي تهدد سلامتهن.
"منذ بداية النزوح الهائل وتصاعد العنف، اتخذت النساء المتدربات ضمن مشروع "بناء السلام يبدأ ببناء قدرات المرأة"– المدعوم من صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني وهيئة الأمم المتحدة للمرأة – خطوات استباقية لتنسيق جهود الاستجابة الفورية.
لقد بدأت اللجان النسائية التي أُنشأت كجزء من المشروع، بالاستجابة مباشرة ضمن المراكز الخمسة التي تستضيف النازحين داخلياً من القرى المتضررة من القصف. وتقوم مجموعاتنا بقيادة الجهود التي تشمل تفقّد وزيارة مراكز الإيواء في ثلاث قرى مجاورة.
قامت هذه اللجان بسرعة بجمع المعلومات الضرورية للاستجابة المرتبطة بالنازحين/ات، وإجراء تقييمات أولية للاحتياجات، وتأمين المستلزمات الأساسية مثل الفُرش والمواد الضرورية. كما قاموا بتقييم أوضاع النساء والفتيات اللواتي نزحن دون ممتلكات شخصية، وكنّ يفتقرن إلى ضروريات مثل الفرش، والأغطية، والملابس، والأدوية.
وصلت العائلات مصطحبة ما يمكن أن تحويه سياراتهم – بضع حقائب، فراش، وعدد كبير من الأطفال.
يتم إيواء أكثر من 150 عائلة حالياً في خمسة مراكز، بما في ذلك المدارس والمعاهد المهنية في رأس، الفاكهة، والقاع، وهي قرى محيطة بالهرمل.
تواجه النساء تحديات كبيرة بسبب نقص المساحات الخاصة. تتكدس العائلات في غرف تستوعب ثلاث إلى أربع عائلات، حيث يتشارك الرجال والنساء والأطفال هذه المساحات الضيقة ليلاً ونهاراً. تفتقر المدارس والمرافق إلى الحمامات الخاصة، ما يزيد من صعوبة تخصيص أماكن خاصة للنساء.
تشير الاستطلاعات الأولية التي أجرتها المجموعات النسائية التابعة لـ"جمعية العاصي للتنمية" إلى أن نسبة تتجاوز 65 في المائة من النازحين تتكوّن من النساء والأطفال. هربت العديد من العائلات من دون أفرادها الذكور الذين اختاروا البقاء لحماية منازلهم من السرقة المحتملة ذلك أن الأحياء فرغت من سكانها.
ثمة 500 فتاة وامرأة تتجاوز أعمارهن 12 عاماً وهذه نسبة تتجاوز 80 في المائة من مجموع النساء. هناك حاجة ماسة للمستلزمات الخاصة بالدورة الشهرية وغيرها من المواد. كما أحصت اللجان عدداً كبيراً من حديثي الولادة، وكذلك النساء الحوامل والمرضعات.
إنّ وجود النساء في بيئات مزدحمة وتفتقر الخصوصية، يعزّز وهنهنّ خلال هذه الأزمة. لا يزال تأمين الضروريات الأساسية مثل الطعام والماء ومنتجات النظافة يشكل تحدياً، وغالباً ما يتم إهمال احتياجات النساء الخاصة. ويزيد الاكتظاظ من خطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.
حالياً، توفر بعض المجموعات التطوعية وجبتين لكل شخص في مراكز الإيواء، ولكن من المتوقع أن ينخفض ذلك إلى وجبة واحدة قريباً، وقد يتوقف تماماً بسبب نقص الموارد والتبرعات.
يمكن لإعادة تأهيل المطابخ ضمن مراكز الإيواء – مهما كانت بسيطة – أن يساعد في تجنب أزمة أمن غذائي لهؤلاء النازحين/ات الذين/اللواتي يواجهون/هن بالفعل شعوراً عميقاً بالقلق وعدم اليقين. نحن كنساء في وسعنا تنسيق وإدارة الاستجابة وبناء المجتمعات، نحن لا نخشى الحرب بذاتها، بل العجز الذي يصاحب الكارثة الإنسانية التي تتكشف أمامنا.
إن نقص الأدوية، وحليب الأطفال، والحفاضات، والبطانيات، والملابس سيؤدي حتماً إلى مشكلات صحية وصراعات. نحن نسعى لإيجاد حلول، ولكن بدون دعم، فإن جهودنا تبقى محدودة للغاية."