في ظل الأدوار البارزة التي تلعبها النساء في لبنان خلال النزاعات والأزمات والمظاهرات، ورغم مساهماتهن الفاعلة في مختلف المجالات، ما زلن يواجهن عوائق كبيرة تحول دون تحقيق مشاركتهن الكاملة في صنع القرار والمواقع القيادية. وانطلاقًا من إيماننا الراسخ بدورا النساء كشريكات أساسيّات في تعزيز السلام وبناء دولة قائمة على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، واستنادًا إلى التزامات لبنان الدولية، نتوجّه بهذا البيان إلى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد جوزيف عون، مُقدّرين حرصه على تعزيز دور النساء في بناء مؤسسات وطنية قادرة على مواجهة التحديات.

خلال الصراع الأخير في لبنان، برزت العديد من النساء كمثال قوة وأمل، وتغلبن على التحديات من خلال سلوكيات تتميز بالقيادة والتعاطف. من توفير الغذاء والمأوى للأسر النازحة إلى الوساطة في النزاعات داخل المجتمعات المتضررة، تولت هؤلاء النساء أدوارًا داعمة حاسمة. من بينهن، تبرز الدكتورة دعد قزّي، التي أسست جمعية الشوف للتنمية مع مجموعة من الشباب المتطوعين بعد انفجار المرفأ في آب من العام 2020.

تدعو شبكة "نساء فاعلات في بناء السلام في لبنان" إلى تبنّي نهج شامل للتعافي وإعادة الإعمار، يستند إلى قيم العدالة والشمول والاستدامة.

الحمل مرحلة صعبة، فكيف إذا اقترنت بالخوف وخطر التعرّض للقصف؟ لهذا السبب، حين اشتدّ النزاع المسلّح في كفرصير – النبطية الشهر الماضي، اتّخذت لمى الشامي، الأم الحامل البالغة من العمر 29 عامًا، القرار الشجاع بالنزوح مع عائلتها. أيضًا، عفاف شعيب، أم لطفلين تبلغ من العمر 29 عامًا، أُجبرت على ترك منزلها في بعلبك، شمال شرق لبنان، ووصلت مع زوجها وأطفالها إلى بيت الضيافة أوبرج بيتي قبل شهر في منتصف الليل.

نهاد شبارو هي واحدة من العضوات المؤسسات لشبكة بناء السلام للنساء في لبنان التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة. تهدف الشبكة إلى تعزيز مساهمات عضواتها في بناء السلام الشامل والمستدام، وتعزيز قيادتهن ومشاركتهن من خلال التعلم وتبادل الخبرات وبناء العلاقات والدعم المتبادل. تحّدثت نهاد مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة عن مسارها وجهودها من خلال الشبكة.

فداء الساحلي هي ناشطة إنسانية دافعت عن التنمية والتغيير الاجتماعي والمواطنة الفعّالة وتمكين الشباب والشابات في محافظة بعلبك الهرمل - لبنان لأكثر من عقدين. هي حالياً تقود "جمعية العاصي للتنمية" في الهرمل، وتدير مشروعاً ممولاً من صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني تدعمه هيئة الأمم المتحدة للمرأة لتمكين النساء صانعات السلام. في ظل تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية، تم تهجير العديد من النساء المشاركات في المشروع. أما اللواتي بقين فهن مستمرات في عملهن ويحافظن على التواصل مع زميلاتهن النازحات، رغم محدودية الموارد وصعوبة التنقل والمخاطر التي تهدد سلامتهن.

في صور، في جنوب لبنان، حيث تصاعدت الاشتباكات والهجمات عبر الخط الأزرق وما بعده، منذ اندلاع الصراع في غزة، التحقت صانعات السلام بالنازحين/ات. فاديا جمعة صحفيّة وناشطة بيئية ووسيطة تشارك في مشروع إقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة وهي واحدة من عشر شبكات وساطة نسائية محليّة تعمل على منع النزاعات وحلها والمساهمة في السلام المستدام من خلال تغيير السياسات والعمل على مستوى المجتمع.

في ظلّ تصاعد العنف في جميع أنحاء لبنان، تتحدّث ثلاث وسيطات عن عملهنّ وعزمهنّ على دعم مجتمعاتهنّ. تصاعدت الاشتباكات العنيفة على طول الخط الأزرق خلال الأسابيع الأخيرة، بالتزامن مع تزايد الغارات الجوية وأعمال العنف في جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك قلب بيروت. وسط تزايد انعدام الأمن، تعاونت هيئة الأمم المتحدة للمرأة مع شركائها ساعيةً إلى الاستفادة من الدور الذي تؤدّيه الوسيطات المحليات في جنوب لبنان في دعم الأعمال الإنسانية ضمن المجتمع المحلي.

ريما الحمرا (50 عاماً) هي مديرة مركز الخدمات الإنمائية في حاصبيا التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية في جنوب لبنان الذي شهد اشتباكات مسلحة على طول الخط الأزرق خلال الأشهر القليلة المنصرمة. ريما هي واحدة من بين 240 امرأة يعملن في مجال بناء السلام محلياً تم تدريبهن للعمل كوسيطات في المجتمع المحلي، وذلك في إطار مشروع "المرأة والسلام والأمن في المنطقة العربية، المرحلة الثالثة"، والذي تنفذه هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالشراكة مع كل من المركز المهني للوساطة في جامعة القديس يوسف (CPM-USJ) ومنظمة إنترناشونال ألرت بدعم سخي من وزارة خارجية فنلندا.

اليوم، في 8 آذار/مارس، اليوم الدولي للمرأة، تحتشد الأمم المتحدة للدعوة إلى "الاستثمار في المرأة لتسريع وتيرة التقدم" في اتساقٍ تام مع الموضوع ذي الأولويّة للدورة الثامنة والستّين للجنة وضع المرأة.

إحياء لليوم الدولي للمرأة 2024، تضافرت جهود هيئة الأمم المتحدة للمرأة وسفارات فنلندا والنرويج وسويسرا في لبنان، لتسليط الضوء على الأدوار الرائدة للمرأة في تعزيز السلام والأمن في جميع أنحاء لبنان ولمناقشة أهمية تنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن في لبنان والتحديات والتقدّم المحرز في هذا المجال لا سيما في ظل الأزمات والصراعات المستمرة. كما يسلّط الحدث الضوء على وضع المرأة في جنوب لبنان واحتياجاتها ودورها في الاستجابة للإغاثة الإنسانية.

وداد حلواني ناشطة مدنيّة ومؤسِّسة "لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان". وعُينت عضوا في "الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان" التي تم إنشاؤها بموجب القانون105 /2018 الخاص بالمفقودين والمخفيين قسراً. كان من نتائج الحرب الأهليّة في لبنان، التي استمرّت من عام 1975 وحتى عام 1990، أن فُقد أو اختفى قسراً ما يُقدَّر بما يزيد على 17000 شخص، 95% منهم، أو يزيد، من الرجال. اختفت أخبار معظمهم تماماً، بمن فيهم زوج وداد الذي فُقِد في عام 1982. منذ اختفائه، أخذت وداد على عاتقها مهمّة توحيد وإعلاء أصوات النساء والعائلات وضحايا الخطف والفقدان في جميع المناطق اللبنانيّة.

كوزيت نخلة هي إختصاصية في العمل الإجتماعي في التاسعة والأربعين من العمر، وهي مسؤولة مكتب التنمية المحلية في بلدية الشيّاح. لقد كرّست كوزيت نفسها لتعزيز السلام في مجتمعها، وهي تقوم بذلك بفضل مهارات الوساطة التي اكتسبتها حديثًا من خلال التدريب المعتمد الذي توفرّه "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" وشركاؤها: المركز المهني للوساطة في جامعة القديس يوسف (CPM-USJ) ومنظمة إنترناشونال ألرت.

شهد لبنان منذ الحرب الأهلية (1975-1990) سلسلة من النزاعات التي أجّجت التوتر. والحال أنه لم يتم التعامل مع هذا الماضي العنيف على نحو مناسب. من أجل التصدي للجراح التي خلّفها العنف في لبنان، يعمل برنامج مدعوم من الأمم المتحدة بعنوان "التعامل مع الماضي: ذاكرة للمستقبل" على تعزيز الحوار والسلام بين المجتمعات ويسعى إلى تعزيز ودعم المصالحة واستعادة كرامة ضحايا الحرب وكذلك إعادة إرساء السلام ومنع النزاعات.

يطلق صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني (WPHF) الجولة الثالثة من عملية التمويل في لبنان. الغاية العامة من هذه الدعوة لتقديم المقترحات هي تقديم المنح لمنظمات المجتمع المدني المحليات النسائية والشبابية في لبنان من أجل حماية النساء والفتيات، ولا سيما أولئك الذين يعملون في بناء السلام في سياق النزاع والسياقات الإنسانية.

على مدى سنواتٍ عدّة، اعتمدت جنى أبي مرشد البالغة من العمر 58 عامًا على المسرح لتُسمع صوت الفتيات في لبنان. تدرّس أبي مرشد التمثيل المسرحي وترتكز عليه كوسيلة لتضميد الجروح الناتجة عن العنف في لبنان، وتعزيز الحوار، وبناء السلام وتعزيز الوئام والتفاهم في المجتمع. على مدى مسيرتها، تلمّست جنى، على نحو مباشر، تأثير العنف والنزاعات على حياة المرء، على المستويَين الوطني والمحلي على السواء. بعد قيادتها في العام 2019 لمسيرةٍ سلميّة، قرّرت جنى تغيير مسار عملها لتنتقل من تعليم التمثيل المسرحي إلى العمل على المسائل المرتبطة بطرق التواصل بين المجتمعات وبالسلام، حصراً. بفضل منحة دراسية قدّمتها لها "هيئة الأمم المتحدة للمرأة" لمدة عام، بدأت جنى في شهر تشرين الثاني/نوفمبر في عام 2021 متابعة دروسَ الوساطة في المركز المهني للوساطة، في جامعة القديس يوسف.

قام سعادة سفير اليابان في لبنان، تاكيشي أوكوبو، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، و"أكتد" والمؤسّسة الاجتماعيّة "روف اند روتس" بافتتاح وحدة انتاج تقودها النساء في جبل محسن في طرابلس تنتج لوازم صحيّة عالية الجودة وبأسعار معقولة للنساء والفتيات في المنطقة. تهدف وحدة الانتاج إلى توفير حلّ محليّ ومستدام لتلبية الطلب المتزايد على لوازم نظافة الدورة الشهريّة الذي نتَجَ عن الأزمة الحاليّة في لبنان وتهدف، في الوقت عينه، إلى تعزيز الاقتصاد اللبنانيّ ومشاركة المرأة في سوق العمل.

للنساء دور أساسي في بناء السّلام. جهودهن غالباً ما تكون غير ملحوظة، غير أنهن يلعبن دوراً فعّالاً في البلدان المتأثرة بالنزاعات في المنطقة العربيّة من خلال نزع فتيل التّوترات والتوسط في النّزاعات في مجتمعاتهن. في لبنان، تساهم النّساء بتحقيق السلام بعدة طرق. على سبيل المثال، تسعى ربى إلى السلام من خلال عيش حياة هادئة وسعيدة في منزلها بينما تركّز ندى على تربية أبناء مسالمين وداعمين لتمكين المرأة، وتضع رنين الحد من انتشار الأخبار الزّائفة ضمن أولوياتها لتحقق السلام في مجتمعها.

أطلق صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني (WPHF)، بالشراكة مع الأمم المتحدة في لبنان، النافذة التمويلية الثانية لدعم المنظمات المجتمعية بقيادة النساء في لبنان، والتي تعمل على بناء السلام المجتمعي في لبنان، في إطار تعزيز قدرتها المؤسسية ومضاعفة نتائج بناء السلام.

شارك الرائد فادي توما وفصيلته في مشروع "مشاركة المرأة في مساءلة إدارة الكوارث" نبعًا من إرادتهم بأن يكونوا أفضل استعدادًا للتعامل مع الكوارث في المستقبل. جمع المشروع بين أعضاء من قوى الأمن الداخلي وبين نساء متضرّرات من انفجار بيروت لتطوير خطط أفضل لإدارة الكوارث. قادت المشروع منظّمة المجتمع المدني "أوبيرج بيتي" بتمويلٍ من صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني عبر حكومة ألمانيا، وبدعمٍ فنّي من هيئة الأمم المتحدة للمرأة.