قام في الأمس وفد رفيع المستوى من سفارة جمهورية كوريا، برئاسة سفير جمهورية كوريا في لبنان، سعادة السفير بارك إيل، وقائد قوات حفظ السلام الكورية (ROKBATT) في "اليونيفيل" العقيد يو جونغيون، يرافقهما ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان، السيدة جيلان المسيري، بزيارة لقضاء صور في محافظة جنوب لبنان. وقد أكدت الزيارة على أهمية تكثيف جهود التعافي الاقتصادي المستجيبة للنوع الاجتماعي، والرامية إلى دعم النساء النازحات والعائدات، لإعادة بناء حياتهن بعد تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله، كما شدّدت الزيارة على الدور الحاسم للمرأة في منع نشوب النزاعات وتعزيز السلام المستدام.

في قلب الجنوب اللبناني، حيث الصراعات والأزمات الإنسانية المستمرة منذ عقود، وجدت الدكتورة سلمى نحلة، طبيبة الأطفال والطوارئ، البالغة من العمر 66 عامًا من النبطية، نفسها مرة أخرى في قلب الصراع. في خضم الفوضى، قدمت الدكتورة سلمى رعايتها الطبية في مستشفى النجدة الشعبية اللبنانية في حبوش. وبدافع من التزامها الإنساني العميق، أصبح تقديم الرعاية الطبية بالنسبة لها رمزاً قوياً للأمل والصمود.

أصبح مستشفى النجدة الشعبية شريان حياة للكثيرين. منى أبو زيد تشغل منصب مديرة المستشفى منذ عام 2019. خلال هذه الفترة، عملت بلا كلل لتأكيد التزامها الصمود في وجه العديد من التحديات الناتجة عن النزاعات المستمرة في المنطقة، وعن الأعراف الاجتماعية السائدة في مجتمع يسيطر عليه الرجال. اختارت البقاء في المستشفى بعد اندلاع المعارك، معطية الأولوية لتلبية الاحتياجات الطارئة على احتياجاتها الشخصية.

في خضم الصراع المدمّر، حوّلت سارة سلوم، رئيسة قسم التمريض في مستشفى النجدة الشعبية في حبوش، جنوب لبنان، والبالغة من العمر 36 عاماً، مكان عملها إلى ملجأ لعائلتها وطوق نجاة حيوي للمصابين/ات.

في 28 أيلول/سبتمبر 2024، وعلى بعد أميال قليلة من بلدتها، كفررمان، كادت رنا غنوي البالغة من العمر 42 عامًا، وهي والدة لطفلين، أن تفقد أطفالها عندما اندلع حريق في سيارة أمامها، إثر غارة جوية أدت إلى مقتل جميع من كانوا بداخلها. رنا هي أخصائية اجتماعية حاصلة على ماجستير في علم نفس الأطفال والمراهقين والوساطة الأسرية، وقد أعدت دراسة عن احتياجات العائدين/ات لصالح هيئة الأمم المتحدة للمرأة.

رحّبت هيئة الأمم المتحدة للمرأة بزيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى لبنان باعتبارها لحظة محورية للدعوة إلى إصلاحات تستجيب للنوع الاجتماعي في مسارات الحكم والتعافي وإعادة الإعمار والمصالحة في البلاد. تمثّل زيارة الأمين العام فرصة حاسمة لرفع أصوات النساء في المشهد السياسي اللبناني، لا سيما مع تولي الحكومة الجديدة التحديات المتعلقة بالتعافي الاجتماعي والاقتصادي وتطبيق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024.

من بلدة حاروف في قضاء النبطية، تحدّثت رئيسة جمعية "روح العمل الاجتماعية"، غدير حوماني، إلى هيئة الأمم المتحدة للمرأة من مكتبها، حيث لا تزال آثار الزجاج المحطم والأبواب المكسرة شاهدة على الفظائع التي مرّت بها المنطقة. غدير، أم لطفلين، حاصلة على دكتوراه في المهارات والقيادة الحياتية، ومدربة متخصصة لدى العديد من المؤسسات الاجتماعية. نزحت غدير وعائلتها أثناء النزاع إلى منطقة الجيّة، وما أن توقف القصف، حتى التحقت بأوائل العائدين/ات، حيث استأنفت العمل في جمعيتها، وواصلت ما بدأته في مراكز النزوح في الجية.

تكرّس رشا أبو خروب نفسها لمساعدة المجتمعات الضعيفة، وهي اختصاصية اجتماعية لدى "المنتدى المجتمعي للتمكين والتنمية"(INITIATE) ، وهي منظمة شريكة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في مشروع تدعمه وكالة التنمية النمساوية، ويوفر سبل العيش الطارئة والحماية للنساء في جنوب لبنان. تشاركنا رشا معاناتها الشخصية مع النزوح أثناء التصعيد الأخير للنزاع، و الذي اشتد في نهاية أيلول/سبتمبر 2024، وكيف حافظت على قوتها والتزامها تجاه عائلتها ومجتمعها وعملها.

خلال الصراع الأخير في لبنان، برزت العديد من النساء كمثال قوة وأمل، وتغلبن على التحديات من خلال سلوكيات تتميز بالقيادة والتعاطف. من توفير الغذاء والمأوى للأسر النازحة إلى الوساطة في النزاعات داخل المجتمعات المتضررة، تولت هؤلاء النساء أدوارًا داعمة حاسمة. من بينهن، تبرز الدكتورة دعد قزّي، التي أسست جمعية الشوف للتنمية مع مجموعة من الشباب المتطوعين بعد انفجار المرفأ في آب من العام 2020.

أقامت حكومة جمهورية كوريا، من خلال وزارة الأسرة والمساواة بين الجنسين (MOGEF)، شراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة لتلبية الاحتياجات الملحة للنازحات والعائدات إلى جنوب لبنان في أعقاب الأعمال العدائية التي استمرت عاماً كاملاً بين إسرائيل وحزب الله. يهدف هذا المشروع الذي يستمر لمدة عام كامل إلى توفير خدمات شاملة لكسب العيش والحماية دعماً للنساء وأسرهن في إعادة بناء حياتهن.

تدعو شبكة "نساء فاعلات في بناء السلام في لبنان" إلى تبنّي نهج شامل للتعافي وإعادة الإعمار، يستند إلى قيم العدالة والشمول والاستدامة.

زاد احتدام الصراع من وطاة الأزمة الإنسانية التي تفاقَمت في الآونة الأخيرة في لبنان، وألحقَت خسائر فادحة طالت حياة الناس. وفي الخطوط الأمامية للاستجابة للأزمات، تقوم منظمات بقيادة نسائية بتقديم مساعدات إنسانيّة حيويّة ومُنقذة للحياة للسكان المتضررين، ولمن يحتاجها من النساء والفتيات.

نحن، أعضاء شبكة نساء فاعلات في بناء السلام في لبنان، نرفض بشدّة الحرب المستمرّة على لبنان والتي تهدّد جميع جوانب الحياة. ونؤكد على الحاجة الملّحة لاتخاذ إجراءات فوريّة.

في ظلّ اشتداد النزاع وازدياد عدد النازحين/ات داخليًا في لبنان، تدير الناشطات الاجتماعيات مع النساء في المجال السياسي مبادراتٍ مختلفةً حرصاً على تلبية الاستجابة الإنسانية لاحتياجات المرأة. يطلّ ثلاثةٌ من هؤلاء النساء ليشاركنَ تجاربهنّ في هذا الإطار بصفتهنّ "منسّقات " ضمن منظمة المجتمع المدني "فيفتي فيفتي"، وذلك تحت راية مشروعٍ يتمحور حول مشاركة المرأة في الشؤون السياسية أطلقته هيئة الأمم المتحدة للمرأة.

جوزفين زغيب لبنانيّة حاصلة على شهادة دكتوراه، وناشطة اجتماعية وسياسية منذ مدّة طويلة. تترأّس جوزفين "جمعية بيتي" غير الحكومية، وتشغل منصب نائبة رئيس شبكة المساءلة الاجتماعية في العالم العربي. انتُخبت زغيب لعضوية المجلس البلدي في كفرذبيان عام 2010 وأعيد انتخابها للمنصب نفسه عام 2016. ساهمت زغيب في وضع خطط تنمية استراتيجية لعددٍ من المدن اللبنانية والعربية، كما أطلقت الكثير من الحملات المناهضة للعدالة الاجتماعية، وساعدت الجمعيات على إضفاء الطابع المؤسسي عليها. وهي الآن مرشّحة للمجلس النيابي.

الحمل مرحلة صعبة، فكيف إذا اقترنت بالخوف وخطر التعرّض للقصف؟ لهذا السبب، حين اشتدّ النزاع المسلّح في كفرصير – النبطية الشهر الماضي، اتّخذت لمى الشامي، الأم الحامل البالغة من العمر 29 عامًا، القرار الشجاع بالنزوح مع عائلتها. أيضًا، عفاف شعيب، أم لطفلين تبلغ من العمر 29 عامًا، أُجبرت على ترك منزلها في بعلبك، شمال شرق لبنان، ووصلت مع زوجها وأطفالها إلى بيت الضيافة أوبرج بيتي قبل شهر في منتصف الليل.

في ظل تصاعد النزاع المسلّح في لبنان، يواجه النساء والفتيات معاناة لا توصف. ذلك أنهنَّ في حاجة ماسة إلى استحداث مراكز إيواء تؤويهنّ، وإلى مواد التدفئة، وإلى غذاء مغذٍّ، بالإضافة إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة، فضلاً عن الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وضمان حقوقهن وكرامتهن.

في ظلّ التصاعد المستمرّ للنزاع في جنوب لبنان، تستمرّ الغارات الجويّة الإسرائيليّة التي تستهدف العاصمة بيروت والجنوب وأجزاءً أخرى من البلاد، فتؤدّي إلى نزوح أعداد متزايدة من الناس وتحويل تدفّق الهجرة من المدن ومراكز الإيواء في جنوب لبنان نحو شماله الذي لا يُعتبر مؤهّلًا لمثل هذا النزوح.

فداء الساحلي هي ناشطة إنسانية دافعت عن التنمية والتغيير الاجتماعي والمواطنة الفعّالة وتمكين الشباب والشابات في محافظة بعلبك الهرمل - لبنان لأكثر من عقدين. هي حالياً تقود "جمعية العاصي للتنمية" في الهرمل، وتدير مشروعاً ممولاً من صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني تدعمه هيئة الأمم المتحدة للمرأة لتمكين النساء صانعات السلام. في ظل تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية، تم تهجير العديد من النساء المشاركات في المشروع. أما اللواتي بقين فهن مستمرات في عملهن ويحافظن على التواصل مع زميلاتهن النازحات، رغم محدودية الموارد وصعوبة التنقل والمخاطر التي تهدد سلامتهن.

تمارا الزين هي أول امرأة تتولّى منصب الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلميّة في لبنان. شغلت الزين أيضاً منصب رئيسة لجنة العلوم لمنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في مؤتمرها العام الثاني والأربعين في تشرين الثاني\نوفمبر 2023. تحاول الدكتورة تمارا الزين، عبر تجسيدها لصفات القائدة الرائدة، ضمان دمج شؤون البيئة والمساواة بين الجنسين في مقاربة حالة الطوارئ الإنسانيّة المعقّدة التي تتكشّف في جميع أنحاء لبنان.